النووي وابن حجر يغرقان في الاحتمالات!
قال النووي في شرح مسلم: 16 / 152: (فإن قيل: كيف يدعو على من ليس هو بأهل للدعاء عليه، أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك؟
فالجواب: ما أجاب به العلماء، ومختصره وجهان:
أحدهما، أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له (ص) استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك، وهو (ص) مأمور بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر.
والثاني، أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله: تربت يمينك، وعقرى حلقى، وفي هذا الحديث: لا كبرت سنك، وفي حديث معاوية: لا أشبع الله بطنه، ونحو ذلك، لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء فخاف (ص) أن يصادف شئ من ذلك إجابة، فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا، وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن (ص) فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا منتقما لنفسه). انتهى.
أقول: كلمة (عقرى حلقى) رويت في دعاء للنبي صلى الله عليه وآله على امرأة، أي عقرها الله وأقعدها، وأصابها بمرض في حلقها.
وأنت ترى أن كلام النووي بلا محصل، فهو على الوجه الأول يثبت أن النبي صلى الله عليه وآله اعترف بأنه لعن وشتم وضرب وآذى بغير حق، لكنه اعتذر مما قد يكون بغير حق في الواقع في علم الله تعالى! وهذا خلاف الظاهر! ولو صح فهو لا يغير من أمر الملعونين والمشتومين والمجلودين شيئا، لأن استحقاقهم الظاهري ما زال موجودا! فتكون أحاديثهم في تبرئتهم ورفع اللعن عنهم بلا معنى عملي؟!