بأهل للعن، رجعت اللعنة عليه! فكيف يقبلون بعد ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله اعترف بأنه لعن من ليس أهلا للعن؟! وهل هذا إلا سوء أدب مع النبي صلى الله عليه وآله؟!!
* * الرابع: أن أحاديثهم في رفع اللعن بعضها يدل على رفع كل أنواعه، وبعضهما على رفعه عمن لا يستحقه فقط، والحديث الذي رواه أحمد وحسنه الهيثمي يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله أبطل لعن كل من لعنهم، وأن قيد (من ليس له بأهل) الوارد في بعضها قيد توضيحي وليس احترازيا، قال في مجمع الزوائد: 8 / 267: (وعن عبد الله بن عثمان بن خثيم قال دخلت على أبي الطفيل عامر بن واثلة فوجدته طيب النفس فقلت يا أبا الطفيل أخبرني عن النفر الذين لعنهم رسول الله (ص) قال قال: اللهم إنما أنا بشر فأيما عبد من المؤمنين دعوت عليه بدعوة فاجعلها له زكاة ورحمة). انتهى.
فقد فهم هذا الصحابي أن النبي صلى الله عليه وآله رفع لعن جميع من لعنهم، وهم نحو خمسين نوعا من أصحاب الانحراف والمعاصي، كقول ابن عباس: (لعن النبي صلى الله عليه وآله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم وأخرج فلانا، وأخرج عمر فلانا). (البخاري: 8 / 28) فإن قلت: يرى ابن حجر أن اللعن المرفوع هو المقيد بمن ليس له بأهل فقط، وأن المطلق يجب حمله على المقيد، قال في فتح الباري: 12 / 72: (وقد قيل إن لعن النبي (ص) لأهل المعاصي كان تحذيرا لهم عنها قبل وقوعها فإذا فعلوها استغفر لهم ودعا لهم بالتوبة. وأما من أغلظ له ولعنه تأديبا على فعل فعله فقد دخل في عموم شرطه حيث قال سألت ربي أن يجعل لعني له كفارة ورحمة. قلت: وقد تقدم الكلام عليه فيما مضى وبينت هناك أنه مقيد بما إذا صدر في حق من ليس له بأهل، كما قيد له بذلك في صحيح مسلم). انتهى كلام ابن حجر.