بل اللازم عليهم أن يقولوا كما أن النبي صلى الله عليه وآله يلعنهم لاستحقاقهم الظاهري، فنحن مأمورون بالظاهر أيضا، ونكون معذورين إذا خالف الواقع.
أو يقولون: مهما كان الوجه لفعل النبي صلى الله عليه وآله فهو أمر يخصه، ونحن مأمورون بالتأسي به بقوله: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا). (الأحزاب: 21) فالواجب علينا التأسي، ونحن مثابون على التأسي به في لعن من نلعنهم، ولا تثريب علينا ولا اعتراض!
وعلى الوجه الثاني، يكون كلام النبي صلى الله عليه وآله لغوا بدون قصد، وإن جوزناه على النبي صلى الله عليه وآله كما فعلوا، فهو لا يحتاج إلى الاعتذار!
على أنه لا يصلح لرفع الإشكال لأنه لا يشمل الجلد الوارد في الأحاديث والذي لا يمكن أن كون لغوا بغير قصد، كما تنبه اليه ابن حجر!
قال في فتح الباري: 11 / 147: (قوله: باب قول النبي (ص) من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة. كذا ترجم بهذا اللفظ وأورده بلفظ: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة. أورده من طريق يونس وهو ابن يزيد عن بن شهاب.
وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه مثله، وظاهر سياقه أنه حذف منه شئ من أوله، وقد بينه مسلم من طريق ابن أخي بن شهاب عن عمه، بهذا الإسناد بلفظ: اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فأيما مؤمن سببته أو جلدته فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة. ومن طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ: اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعله له زكاة ورحمة.
ومن طريق الأعرج عن أبي هريرة مثل رواية بن أخي بن شهاب، لكن قال: فأي المؤمنين آذيته شتمته، أو لعنته، أو جلدته، فاجعلها له صلاة، وزكاة، وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.