ومن طريق سالم عن أبي هريرة بلفظ: اللهم إنما محمد بشر، يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدا.. الحديث، وفيه: فأيما مؤمن آذيته، والباقي بمعناه بلفظ أو.
وأخرج من حديث عائشة بيان سبب هذا الحديث، قالت: دخل على رسول الله (ص) رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو، فأغضباه فسبهما ولعنهما! فلما خرجا قلت له، فقال: أوما علمت ما شارطت عليه ربي، قلت: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا.
وأخرجه من حديث جابر نحوه، وأخرجه من حديث أنس، وفيه تقييد المدعو عليه بأن يكون ليس لذلك بأهل، ولفظه: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهورا، وزكاة، وقربة يقربه بها منه يوم القيامة....
وقوله: اللهم فأيما مؤمن، الفاء جواب الشرط المحذوف لدلالة السياق عليه.
قال المازري: إن قيل: كيف يدعو (ص) بدعوة على من ليس لها بأهل؟!
قيل: المراد بقوله ليس لها بأهل عندك: في باطن أمره، لا على ما يظهر مما يقتضيه حاله وجنايته حين دعائي عليه، فكأنه يقول: من كان باطن أمره عندك أنه ممن ترضى عنه، فاجعل دعوتي عليه التي اقتضاها ما ظهر لي من مقتضى حاله حينئذ، طهورا وزكاة.
قال: وهذا معنى صحيح لا إحالة فيه، لأنه (ص) كان متعبدا بالظواهر وحساب الناس في البواطن على الله. انتهى.
وهذا مبني على قول من قال إنه كان يجتهد في الأحكام ويحكم بما أدى إليه اجتهاده. أما من قال كان لا يحكم إلا بالوحي، فلا يتأتى منه هذا الجواب.