أقررناه وأصحابه، ولكنه لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر. وكان رسول الله (ص) قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنه ضلالهم، فكان يتمنى هداهم، فلما أنزل الله سورة النجم قال: أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. ألكم الذكر وله الأنثى، ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الله الطواغيت فقال: وإنهن لهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى، وكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة، وذلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها وقالوا: إن محمدا قد رجع إلى دينه الأول، ودين قومه! فلما بلغ رسول الله (ص) آخر النجم سجد وسجد كل من حضره من مسلم أو مشرك، غير أن الوليد بن المغيرة كان رجلا كبيرا فرفع ملء كفه ترابا فسجد عليه، فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود، لسجود رسول الله (ص).....
وقد ساقها البغوي في تفسيره مجموعة من كلام ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما بنحو من ذلك، ثم سأل ههنا سؤالا: كيف وقع مثل هذا مع العصمة المضمونة من الله تعالى لرسوله صلاة الله وسلامه عليه، ثم حكى أجوبة عن الناس من ألطفها أن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك، فتوهموا أنه صدر عن رسول الله (ص) وليس كذلك في نفس الأمر، بل إنما كان من صنيع الشيطان لا عن رسول الرحمن (ص). والله أعلم. وهكذا تنوعت أجوبة المتكلمين عن هذا بتقدير صحته، وقد تعرض القاضي عياض رحمه الله في كتاب الشفاء لهذا وأجاب بما حاصله أنها كذلك لثبوتها)!! انتهى.
وأنت تلاحظ أن نفيه لها نفي مضطرب خجول، وكأنه يستبطن القبول!
وقال القسطلاني في شرح البخاري: وقد طعن في هذه القصة وسندها غير واحد