يعصمك من الناس، فإنه لافرق في العقل بين النقصان عن الوحي وبين الزيادة فيه. فبهذه الوجوه عرفنا على سبيل الإجمال أن هذه القصة موضوعة. أكثر ما في الباب أن جمعا من المفسرين ذكروها، لكنهم ما بلغوا حد التواتر، وخبر الواحد لا يعارض الدلائل النقلية والعقلية المتواترة). انتهى.
إلى هنا يبدو الرازي منسجما، فقد وافق من قال إن القصة فرية من الزنادقة القرشيين على النبي صلى الله عليه وآله، واتهام باطل بأنه مدح أصنامهم وسجد لها، وسجد معه القرشيون، وكل من في المسجد! وقد عرفت ما في دفاعه عن البخاري وبقية مصادرهم التي روتها بطرق متعددة وصححتها!
لكنه عاد وخضع للثقافة القرشية الرسمية، وصرح في تفسيره: 32 / 141، بنسبة الكفر إلى النبي صلى الله عليه وآله! فقال وهو يعدد فوائد كلمة " قل " في (قل يا أيها الكافرون)!!:
(الحادي والثلاثون: كأنه تعالى يقول: يا محمد ألست أنت الذي قلت: من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم، وحتى أن بعض المشايخ قال لمريده الذي يريد أن يفارقه: لا تخف السلطان، قال: ولم؟ قال: لأنه يوقع الناس في أحد الخطأين، أما أن يعتقدوا أن السلطان متدين لأنه يخالطه العالم الزاهد، أو يعتقدوا أنك فاسق مثله، وكلاهما خطأ.
فإذا ثبت أنه يجب البراءة عن موقف التهم فسكوتك يا محمد عن هذا الكلام يجر إليك تهمة الرضا بذلك لا سيما وقد سبق أن الشيطان ألقى فيما بين قراءتك: تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى، فأزل عن نفسك هذه التهمة و: قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون)! انتهى.
فأين حملة الفخر الرازي على الزنادقة واضعي فرية الغرانيق، وقوله إن النبي