يأتيهم. وفي مرسل يحيى بن يعمر عند عبد الرزاق: سحر النبي (ص)، عن عائشة: حتى أنكر بصره! وعنده في مرسل سعيد بن المسيب: حتى كاد ينكر بصره! قال عياض: فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده....
وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد بالتخيل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطأ، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك، كما هو شأن المعقود، ويكون قوله في الرواية الأخرى حتى كاد ينكر بصره، أي صار كالذي أنكر بصره بحيث أنه إذا رأى الشئ يخيل أنه على غير صفته فإذا تأمله عرف حقيقته. ويؤيد جميع ما تقدم أنه لم ينقل عنه في خبر من الأخبار أنه قال قولا فكان بخلاف ما أخبر به). انتهى.
أقول: هذا بعض كلامهم الطويل العليل! الذي يريد ابن حجر ومن استشهد بهم أن يقنعوك بأن نبيك صلى الله عليه وآله كان لمدة ستة أشهر مسحورا، وقد مرض من ذلك وانتثر شعر رأسه، وصار أقرع أو كالأقرع، وصار يذوب ولا يدري ما عراه!
وكان يتصور أنه يرى شيئا وهو لا يراه، ويتصور أنه أكل ولم يأكل، وأنه شرب ولم يشرب، وأنه نام مع زوجته ولم يفعل!
ويريدون أن يطمئنوك بأن النبي صلى الله عليه وآله بخير وعافية، فالسحر (إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه) أي على قسم من عقله وليس على القسم المتعلق بدينه! فاحمد ربك أن نبيك صلى الله عليه وآله لم يكفر، ولم يهرب من المدينة إلى مشركي مكة!
ويريد المازري أن يقنعك بأن عصمة النبي صلى الله عليه وآله إنما هي في تبليغه الرسالة فقط - ما عدا حديث الغرانيق طبعا - وأنه في غير التبليغ قد يصاب بالسحر وبالجنون، فيفقد التمييز في الأمور الدنيوية التي لم يبعث من أجلها!