اثباتها بالتجربة ولم يكن لنا مقياس غيرها لكان علينا ان نفحص جميع الاقسام والأنواع لنتأكد من صحة الحكم، وتكون النتيجة حينئذ قد درست في الكبرى بذاتها أيضا، وأما إذا كانت الكبرى من المعارف العقلية التي ندركها بلا حاجة إلى التجربة: كالأوليات البديهية والنظريات العقلية المستنبطة منها، فلا يحتاج المستدل لاثبات الكبرى إلى فحص الجزئيات حتى يلزم من ذلك أن تتخذ النتيجة صفة التكرار والاجترار (1).
ومن أخرى نؤكد على أننا لا ننكر على التجربة فضلها العظيم على الانسانية ومدى خدمتها في ميادين العلم، وانما نريد ان يفهم هؤلاء التجريبيون أن التجربة ليست هي المقياس الأول والمنبع الأساسي للأفكار والمعارف الانسانية، بل المقياس الأول والمنبع الأساسي هو المعلومات الأولية العقلية التي نكتسب على ضوئها جميع المعلومات والحقائق الأخرى، حتى ان التجربة بذاتها محتاجة إلى ذلك المقياس العقلي، فنحن والآخرون على حد سواء على ضرورة الاعتراف بذلك المقياس الذي ترتكز عليه أسس فلسفتنا