ب - ان خواص المركبات المادية كلها عرضية، بالإضافة إلى المادة الأصلية. فالماء بما يملك من خاصة السيلان، ليس شيئا ذاتيا للمادة، التي يتكون منها، وانما هو صفة عرضية، وذلك بدليل انه مركب - كما عرفنا سابقا - من عنصرين بسيطين، وفي الامكان افراز هذين العنصرين عن الآخر، فيرجعان إلى حالتهما الغازية، وتزول صفة الماء تماما. ومن الواضح ان الصفات التي يمكن ان تزول عن الشيء، لا يمكن ان تكون ذاتية له.
ج - ان خواص العناصر البسيطة نفسها، ليست ذاتية للمادة أيضا، فضلا عن خصائص المركبات. والبرهان العلمي على ذلك ما مر بنا من امكان تحول بعض العناصر إلى بعض، وبعض ذراتها إلى ذرات أخرى، طبيعيا أو اصطناعيا، فان هذا امر يدل على ان خصائص العناصر، انما هي صفات عرضية للمادة، المشتركة بين جميع العناصر البسيطة. فليست صفات الراديوم، والرصاص، والآزوت، والأوكسجين، ذاتية للمواد، التي تتمثل في تلك العناصر، ما دام في الامكان تبديلها البعض بالبعض.
د - وأخيرا، فنفس صفة المادية أصبحت - على ضوء الحقائق السابقة - صفة عرضية أيضا، فهي لا تعدو أن تكون لونا من ألوان الطاقة، وشكلا من أشكالها، وليس هذا الشكل ذاتيا لها، لما سبق من انها قد تستبدل هذا الشكل بشكل آخر، فتتحول المادة إلى طاقة. ويتحول الكهرب إلى كهرباء.
* النتيجة الفلسفية من ذلك وإذا أخذنا تلك النتائج العلمية، بعين الاعتبار، وجب أن ندرسها درسا فلسفيا، لنعرف ما إذا كان في الامكان، أن نفترض المادة هي السبب الاعلى (العلة الفاعلية) للعالم أو لا؟ ولا تردد في ان الجواب الفلسفي على هذا السؤال، هو النفي بصورة قاطعة، ذلك لأن المادة الأصلية للعالم، حقيقة واحدة عامة، في جميع مظاهره وكائناته، ولا يمكن للحقيقة الواحدة ان تختلف آثارها، وتتباين أفعالها. فالتحليل العلمي للماء. والخشب، والتراب، وللحديد والآزوت، والرصاص. والراديوم، أدى في نهاية