1 * المفهوم الفلسفي ان لمسألة تكوين مفهوم فلسفي عام من العالم، مركزا رئيسيا في العقل البشري، منذ حاولت الانسانية تحديد علاقاتها بالعالم الموضوعي وارتباطها به. ولسنا نحاول في دراستنا هذه ان نؤرخ للمسألة في سيرها الفلسفي والديني والعلمي، وتطورها على مر الزمن منذ آمادها البعيدة، وانما نستهدف أن نعرض المفاهيم الأساسية في الحقل الفلسفي الحديث، لنحدد موقفنا منها، وما هو المفهوم الذي يجب ان تتبلور نظرتنا العامة على ضوئه ويرتكز مبدأنا في الحياة على أساسه؟
ومرد مسألتنا هذه إلى مسألتين: إحداهما، مسألة المثالية والواقعية. والأخرى. مسألة المادية والإلهية.
ففي المسألة الأولى يعرض السؤال على الوجه التالي: ان هذه الكائنات التي يتشكل منها العالم، هل هي حقائق موجودة بصورة مستقلة عن الشعور والادراك؟ أو أنها ليست الا ألوانا من تفكيرنا وتصورنا، بمعنى أن الفكر أو الادراك هو الحقيقة، وكل شيء يرجع في نهاية المطاف إلى التصورات الذهنية؟ فإذا أسقطنا الشعور أو ال (أنا) فان الواقع كله يزول. فهذان تقديران للمسألة، والإجابة بالتقدير الأول تلخص الفلسفة الواقعية أو المفهوم الواقعي للعالم، والإجابة بالتقدير الثاني هي التي تقدم المفهوم المثالي للعالم.
وفي المسألة الثانية يوضع السؤال على ضوء الفلسفة الواقعية هكذا: إذا كنا نؤمن بواقع موضوعي للعالم فهل نقف في الواقعية على حدود المادة المحسوسة، فتكون هي السبب العام لجميع ظواهر الوجود والكون بما فيها من ظواهر