بالحرارة - مثلا - فلم يكن الخطأ حقيقة ولا الحقيقة خطأ.
وفي عودتنا على الحركة التطورية في الحقيقة والمعرفة، بصفتها جزءا من الديالكتيك - الذي خصصنا لدراسته الجزء الثاني من المسألة الآتية (المفهوم الفلسفي للعالم) - سنستعرض مدارك الماركسية وألوان استدلالها، على تطور الحقيقة والمعرفة، ومدى ضعفها ومغالطتها. وعلى الأخص ما حاولته الماركسية من اعتبار العلوم الطبيعية. في تطورها الرائع على مر الزمن، ونشاطها المتضاعف، وقفزاتها الجبارة، مصداقا للحركة التطورية في الحقائق والمعارف، مع ان تطور العلوم في تاريخها الطويل لا صلة له بتطور الحقيقة والمعرفة، بمعناه الفلسفي الذي تحاوله الماركسية. فالعلوم تتطور لا بمعنى ان حقائقها تنمو وتتكامل، بل بمعنى ان حقائقها تزداد وتتكاثر، وأخطاءها تقل وتتقلص. ونوكل ايضاح ذلك إلى البحث المقبل في المسألة الثانية.
ويخلص معنا من هذه الدراسة:
أولا: ان الحقيقة مطلقة وغير متطورة، وان كان الواقع الموضوعي للطبيعة متطورا ومتحركا على الدوام.
ثانيا: ان الحقيقة تتعارض تعارضا مطلقا مع الخطأ، فالقضية البسيطة الواحدة لا يمكن ان تكون حقيقة وخطأ.
ثالثا: ان اجراء الديالكتيك على الحقيقة والمعرفة يحتم علينا الشك المطلق في كل حقيقة، ما دامت في تغير وتحرك مستمر، بل يحكم على نفسه بالاعدام والتغير أيضا، لأنه بذاته من تلك الحقائق التي يجب ان تتغير بحكم منطقه التطوري الخاص.
* انتكاس الماركسية في الذاتية:
وفي النهاية يجب ان نشير إلى ان الماركسية بالرغم من اصرارها على رفض النسبية الذاتية بترفع وتأكيدها على الطابع الموضوعي لنسبيتها وأنها نسبية تواكب الواقع المتطور وتعكس نسبيته بالرغم من ذلك كله ارتدت الماركسية