* - 4 - المادة أو الله انتهينا من الجزء السابق إلى نتيجة، هي ان المراد الأساسي الأعمق للكون والعالم - بصورة عامة - هو العلة الواجبة بالذات، التي ينتهي إليها تسلسل الأسباب. والمسألة الجديدة هي ان هذه العلة الواجبة لذات، التي تعتبر الينبوع الأول للوجود، هل هي المادة نفسها أو شيء آخر فوق حدودها؟ وبالصيغة الفلسفية للسؤال نقول ان العلة الفاعلية للعالم، هل هي نفس العلة المادية أو لا؟
ولأجل التوضيح نأخذ مثالا، وليكن هو الكرسي. فالكرسي عبارة عن صفة أو هيئة خاصة. تحصل من تنظيم عدة اجزاء مادية تنظيما خاصا. ولذلك فهو لا يمكن أن يوجد، دون مادة من خشب أو حديد نحوهما. وبهذا الاعتبار يسمى الخشب علة مادية للكرسي الخشبي، فإنه لم يكن من الممكن، ان يوجد الكرسي الخشبي من دون الخشب. لكن من الواضح جدا، ان هذه العلة المادية ليست هي العلة الحقيقية، التي صنعت الكرسي. فان الفاعل الحقيقي للكرسي شيء غير مادته، هو النجار. ولذا تطلق الفلسفة على النجار اسم العلة الفاعلية. بالعلية الفاعلية للكرسي، ليست هي نفس علته المادية، من الخشب أو الحديد. فإذا سئلنا عن مادة الكرسي، أجبنا ان مادته هي الخشب، وإذا سئلنا عن الصانع له (العلة الفاعلية)، لم نجب بأنه الخشب، وانما نقول ان النجار صنعه بآلاته ووسائله الخاصة. فالمفارقة بين المادة والفاعل في الكرسي، (أو في التعبير الفلسفي: بين العلة المادية، والعلة الفاعلية) واضحة كل الوضوح. وهدفنا الرئيسي من المسألة، أن نتبين نفس المفارقة في نفس العالم، بين مادته الأساسية