* ايضاح عدة نقاط عن المفهومين وقبل أن نعرض للمفهوم المادي بكلا اتجاهيه يجب أن نستوضح عدة نقاط حول المفهوم الإلهي والمادي، وذلك في الأسئلة الآتية:
1 - السؤال الأول: ما هي الميزة الأساسية لكل من الاتجاه المادي (المدرسة المادية للفلسفة)، والاتجاه الإلهي (المدرسة الإلهية) على الآخر؟ وما هو الفارق الرئيسي الذي جعل منهما اتجاهين متعارضين، ومدرستين متقابلتين؟
ونظرة واحدة نلقيها على المدرستين تحدد لنا جوابا واضحا على هذا السؤال، وهو أن المائز الأساسي للمدرسة المادية في الفلسفة، هو النفي أو الناحية السلبية، لما يتراءى انه فوق طاقة العلوم التجريبية، فلا يوجد في الحقل العلمي اذن - أي في النواحي الايجابية للعلم التي تبرهن عليها التجربة - الهي ومادي. فالفيلسوف سواء أكان إلهيا أم ماديا، يؤمن بالجانب الايجابي من العلم، فهما من الناحية العلمية يسلمان - مثلا - بان (الراديوم) يولد طاقة من الاشعاع نتيجة لانقسام داخلي، وبأن الماء يأتلف من أوكسجين وهيدروجين، وبأن عنصر الهيدروجين هو أخف العناصر في وزنه الذري. ويؤمنان معا بسائر الحقائق الايجابية التي تظهر على الصعيد العلمي. فليس في المسألة العلمية فيلسوف الهي وآخر مادي، وانما توجد هاتان الفلسفتان وتتعارض المادية مع الإلهية، حينما تعرض مسالة الوجود فيما وراء الطبيعة، فالإلهي يعتقد بلون من الوجود مجرد عن المادة، أي موجود خارج الحقل التجريبي، وظواهره وقواه. والمادي ينكر ذلك ويقصر الوجود على ذلك الحقل الخاص، ويعتبر الأسباب الطبيعية، التي كشفت عنها التجربة وامتدت إليها يد العلم، هي الأسباب الأولية للوجود، وان الطبيعة هي المظهر الوحيد له.
فبينما يقرر الاتجاه الإلهي ان الروح الانسانية أو ال (أنا)، ذات مجردة عن المادة، وان الادراك والفكر ظواهر مستقلة عن الطبيعة والمادة، ينكر المادي ذلك زاعما انه حلل جسم الانسان، وراقب عمليات الجهاز العصبي، فلم يجد شيئا خارج الحدود الطبيعية والمادية، كما يدعي الإلهيون. وكذلك يؤمن