الأعمق لكل الحركات الطارئة المحسوسة التي تزخر بها الطبيعة. وهذه الحركة الجوهرية هي الجسر الذي كشفه الشيرازي بين المادة والروح، فان المادة في حركتها الجوهرية تتكامل في وجودها وتستمر في تكاملها حتى تتجرد عن ماديتها ضمن شروط معينة وتصبح كائنا غير مادي أي كائنا روحيا فليس بين المادي والروحي حدود فاصلة بل هما درجتان من درجات الوجود والروح بالرغم من انها ليست مادية ذات نسب مادي لأنها المرحلة العليا لتكامل المادة في حركتها الجوهرية.
وفي هذا الضوء نستطيع ان نفهم العلاقة بين الروح والجسم. ويبدو من المألوف ان يتبادل العقل والجسم - الروح والمادة - تأثيراتهما لأن العقل ليس شيئا مفصولا عن المادة بهوة سحيقة كما كان يخيل لديكارت حين اضطر إلى انكار التأثير المتبادل والقول بمجرد الموازنة، بل ان العقل نفسه ليس الا صورة مادية عند تصعيدها إلى أعلى من خلال الحركة الجوهرية، والفرق بين المادية والروحية فرق درجة فقط كالفرق بين الحرارة الشديدة والحرارة الأقل منها درجة.
ولكن هذا لا يعني ان الروح نتاج للمادة وأثر من آثارها، بل هي نتاج للحركة الجوهرية. والحركة الجوهرية لا تتبع من نفس المادة لأن الحركة - كل حركة - خروج للشيء من القوة إلى الفعل تدريجيا - كما عرفنا في مناقشتنا للتطور عند الديالكتيك - والقوة لا تصنع الفعل، والامكان لا يصنع الوجود، فللحركة الجوهرية سببها خارج نطاق المادة المتحركة، والروح التي هي الجانب غير المادي من الانسان - نتيجة لهذه الحركة. والحركة نفسها هي الجسر بين المادية والروحية.
* المنعكس الشرطي والادراك ليس اختلافنا مع الماركسية، في حدود مفهومها المادي للادراك فحسب، لان المفهوم الفلسفي للحياة العقلية. وان كان هو النقطة الرئيسية في معتركنا الفكري معها، ولكننا نختلف أيضا في مدى علاقة الادراك والشعور