كما أن نظرية فرويد جزء من حياته العقلية الشعورية، فإذا صح ان الشعور تعبير محرف عن القوى اللاشعورية ونتيجة محتومة لتحكم تلك القوى في سيكولوجية الانسان فسوف تفقد نظرية فرويد قيمتها لأنها في هذا الضوء ليست أداة للتعبير عن الحقيقة وانما هي تعبير عن شهواته وغرائزه المخبوءة في اللا شعور.
وقل الشيء نفسه عن المادية التاريخية التي تربط الفكر بالوضع الاقتصادي، وبالتالي تجعل من نفسها نتيجة لوضع اقتصادي معين عاشه ماركس وانعكس في ذهنه معبرا عن متطلباته في مفاهيم المادية التاريخية ويصبح من المحتوم على المادية التاريخية أن تتغير وفقا لتغير الوضع الاقتصادي.
* نظرية المعرفة في فلسفتنا والآن نستطيع ان نستخلص من دراسة المذاهب السابقة ونقدها الخطوط العريضة لمذهبنا في الموضوع وتتلخص فيما يأتي:
الخط الأول: ان الإدارك البشري على قسمين: أحدهما التصور، والآخر التصديق. وليس للتصور بمختلف ألوانه قيمة موضوعية، لأنه عبارة عن وجود الشيء في مداركنا، وهو لا يبرهن - إذا جرد عن كل إضافة - على وجود الشيء موضوعيا خارج الادراك، وانما الذي يملك خاصة الكشف الذاتي عن الواقع الموضوعي هو التصديق أو المعرفة التصديقية. فالتصديق هو الذي يكشف عن وجود واقع موضوعي للتصور.
الخط الثاني: ان مرد المعارف التصديقية جميعا إلى معارف أساسية ضرورية، لا يمكن اثبات ضرورتها بدليل أو البرهنة على صحتها، وانما يشعر العقل بضرورة التسليم والاعتقاد بصحتها، كمبدأ عدم التناقض ومبدأ العلية والمبادئ الرياضية الأولية، فهي الأضواء العقلية الأولى، وعلى هدي تلك الأضواء يجب ان تقام سائر المعارف والتصديقات، وكلما كان الفكر أدق في تطبيق تلك الأضواء وتسليطها كان أبعد عن الخطأ. فقيمة المعرفة تتبع مقدار