اليه الوجود والعدم، فكل شيء ينطوي على امكان الوجود، وامكان العدم بصورة متعادلة، ثم يوجد من دون علة فهو الصدفة. وفكرة المبدأ الأول تنطلق من القول بأن المبدأ الأول لا يتعادل فيه الوجود والعدم، فهو ليس ممكن الوجود والعدم معا، بل ضروري الوجود، وممتنع العدم، ومن البدهي ان الاعتقاد بموجب هذه صفته، لا ينطوي على التصديق بالصدقة مطلقا ب - نظرية الحدوث:
وهي النظرية التي تعتبر حاجة الأشياء إلى أسبابها، مستندة إلى حدوثها. فالانفجار، أو الحركة، أو الحرارة، انما تتطلب لها أسبابا، لأنها أمور حدثت بعد العدم، فالحدوث هو الذي يفتقر إلى علة، وهو الباعث الرئيسي الذي يثير فينا سؤال: لماذا وجد؟ امام كل حقيقة من الحقائق، التي نعاصرها في هذا الكون. وعلى ضوء هذه النظرية، يصبح مبدأ العليلة مقتصرا على الحوادث خاصة. فإذا كان الشيء موجودا بصورة مستمرة ودائمة ولم يكن حادثا بعد العدم، فلا توجد فيه حاجة إلى السبب، ولا يدخل في النطاق الخاص لمبدأ العلية.
وهذه النظرية أسرفت في تحديد العلية، كما أسرفت النظرية السابقة في تعميمها، وليس لها ما يبررها من ناحية فلسفية. فمرد الحدوث في الحقيقة إلى وجود الشيء بعد العدم، كوجود السخونة في ماء لم يكن ساخنا، ولا يفترق لدى العقل، ان توجد هذه السخونة بعد العدم، وان تكون موجودة بصورة دائمة، فإنه يتطلب على كل حال سببا خاصا لها.
فالصعود بعمر الشيء وتاريخه إلى ابعد الآماد لا يبرر وجوده، ولا يجعله مستغنيا عن العلة. وبكلمة أخرى: ان وجود السخونة الحادثة، لما كان بحاجة إلى سبب، فلا يكفي لتحريره من هذه الحاجة ان نمدده لأن تمديده سوف يجعلنا نصعد بالسؤال عن العلة مهما اتسعت عملية التمديد.
ج - د - نظرية الامكان الذاتي، والامكان الوجودي:
وهاتان النظريتان تؤمنان. بأن الباعث على حاجة الأشياء إلى أسبابها، هو الامكان. غير أن لكل من النظريتين مفهومها الخاص عن الامكان، الذي