التي تقرر أساليب البحث العلمي في مجاله الخاص.
وفي طليعة تلك المدارس المادية الوضعية والماركسية.
* المدرسة الوضعية والفلسفة:
أما المدرسة الوضعية في الفلسفة فقد اختمرت بذرتها خلال القرن التاسع عشر الذي ساد فيه الاتجاه التجريبي فنشأت في ظله، ولذلك شنت هجوما عنيفا على الفلسفة بالتهم ومواضيعها الميتافيزيقية، ولم تكتف برمي الميتافيزيقا الفلسفية بالتهم التي يوجهها إليها أنصار المذهب التجريبي عادة، فلم تقتصر على القول بأن قضايا الفلسفة غير مجدية في الحياة العملية ولا يمكن اثباتها بالأسلوب العلمي بل أخذ الوضعيون يؤكدون انها ليست قضايا في العرف المنطقي بالرغم من اكتسابها شكل القضية في تركيبها اللفظي لأنها لا تحمل معنى اطلاقا وانما هي كلام فارغ ولغو من القول وما دامت كذلك فلا يمكن ان تكون موضوعا للبحث مهما كان لونه، لأن الكلام المفهوم هو الجدير بالبحث دون اللغو الفارغ والألفاظ الخاوية. أما لماذا كانت القضايا كلاما فارغا لا معنى له فهذا يتوقف على المقياس الذي وضعته المدرسة الوضعية للكلام المفهوم، فهي تقدر ان القضية لا تصبح كلاما مفهوما وبالتالي قضية مكتملة في العرف المنطقي الا إذا كانت صورة العالم تختلف في حال صدق القضية عنها في حال كذبها، فإذا قلت مثلا (البرد يشتد في الشتاء) تجد ان العالم الواقعي له صورة معينة ومعطيات حسية خاصة في حال صدق هذا الكلام وصورة ومعطيات أخرى في حال كذبه، ولأجل هذا كنا نستطيع ان نصف الظروف الواقعية التي نعرف فيها صدق الكلام أو كذبه ما دام هناك فرق في العالم الواقعي بين أن تصدق القضية وبين أن تكذب. ولكن خذ إليك العبارة الفلسفية التي تقول (ان لكل شيء جوهرا غير معطياته الحسية. فللتفاحة مثلا جوهر هو التفاحة في ذاتها فوق ما نحسه منها بالبصر واللمس والذوق) فإنك لن تجد فرقا في الواقع الخارجي بين ان تصدق هذه العبارة أو تكذب بدليل انك إذا تصورت التفاحة في حال وجود جوهر لها غير ما تدركه