حرياته وتقدسه بغير تحفظ ولا تحديد. فما هو وضع العمل الاجتماعي من قاموس هؤلاء الأفراد؟ وكيف يمكن ان يكون اتصال المصلحة الاجتماعية بالفرد كافيا لتوجيه الافراد نحو الاعمال التي تدعو إليها القيم الخلقية؟!، مع ان كثيرا من تلك الاعمال لا تعود على الفرد بشيء من النفع، وإذا اتفق ان كان فيها شيء من النفع باعتباره فردا من المجتمع فكثيرا ما يزاحم هذا النفع الضئيل، الذي لا يدركه الانسان الا في نظرة تحليلية، بفوات منافع عاجلة أو مصالح فردية، تجد في الحريات ضمانا لتحقيقها، فيطيح الفرد في سبيلها بكل برنامج الخلق والضمير الروحي.
* مآسي النظام الرأسمالي وإذا أردنا ان نستعرض الحلقات المتسلسلة من المآسي الاجتماعية التي انبثقت عن هذا النظام المرتجل لا على أساس فلسفي مدروس.
فسوف يضيق المجال المحدود لهذا البحث، ولذا نلمح إليها:
فأول تلك الحلقات: تحكم الأكثرية في الأقلية ومصالحها ومسائلها الحيوية. فان الحرية السياسية كانت تعني أن وضع النظام والقوانين وتمشيتها من حق الأكثرية، ولنتصور ان الفئة التي تمثل الأكثرية في الأمة ملكت زمام الحكم والتشريع، وهي تحمل العقلية الديمقراطية الرأسمالية، وهي عقلية مادية خالصة في اتجاهها، ونزعاتها وأهدافها وأهوائها فماذا يكون مصير الفئة الأخرى؟ أو ماذا ترتقب للأقلية من حياة في ظل قوانين تشرع لحساب الأكثرية ولحفظ مصالحها؟! وهل يكون من الغريب حينئذ إذا شرعت الأكثرية القوانين على ضوء مصالحها خاصة، وأهملت مصالح الأقلية واتجهت إلى تحقيق رغباتها اتجاها مجحفا بحقوق الآخرين؟ فمن الذي يحفظ لهذه الأقلية كيانها الحيوي ويذب عن وجهها الظلم، ما دامت المصلحة الشخصية هي مسألة كل فرد وما دامت الأكثرية لا تعرف للقيم الروحية والمعنوية مفهوما في عقليتها الاجتماعية؟؟ وبطبيعة الحال، ان التحكم سوف يبقى في ظل النظام كما كان في السابق وأن مظاهر الاستغلال والاستهتار بحقوق الآخرين