الذي لا يتجزأ. فالذرة التي لا تنقسم بمعناها الذي كان لا يتصوره (ديمقريطس)، أو بمعناها الذي وضع (والتن) على أساسه قانون النسب في الكيمياء... قد تلاشى بتفجير الذرة، ولكن هذا لا يعني أن المشكلة قد انتهت، فان الوحدات الأساسية في عالم المادة، وهي الشحنات الكهربائية، سواء أكانت على شكل ذرات وأجرام مادية، أم على شكل أمواج، تواجه السؤال الفلسفي عما إذا كانت قابلة للتجزئة أولا.
* الجزء والفلسفة وهكذا اتضح في دراستنا، أن مشكلة الجزء يجب أن تحل بطريقة فلسفية. وللفلسفة طرق كثيرة للبرهنة فلسفيا، على أن كل وحدة تقبل الانقسام ولا يوجد جزء لا يتجزأ. ومن أوضح تلك الطرق ان نرسم دائرتين كالرحى: أحدهما في داخل الأخرى، ونقطة الوسط في الرحى هي مركز كلتا الدائرتين، ونضع نقطة على موضع معين من محيط الدائرة الكبيرة، ونقطة موازية لها على محيط الدائرة الصغيرة. ومن الواضح اننا إذا حركنا الرحى تحركت كلتا الدائرتين. فلنحرك الرحى ونجعل النقطة التي وضعناها على الدائرة الكبيرة، تتحرك طبقا لحركتها، ولكن لا نسمح لها بالحركة الا بمقدار احدى الوحدات المادية، ثم نلاحظ في تلك اللحظة النقطة الموازية لها، في الدائرة الصغيرة، لنتساءل هل طوت من المسافة نفس المقدار، الذي طوته النقطة المقابلة لها من الدائرة الكبيرة وهو وحدة كاملة، أو لم تطو الا بعضه؟ اما انها طوت نفس المقدار، فهو يعني ان النقطتين سارتا مسافة واحدة، وهذا مستحيل، لأننا نعلم ان النقطة مهما كانت أبعد عن المركز الرئيسي للدائرة، تكون حركتها أسرع، ولذا تطوي في كل دورة مسافة أطول مما تطويه النقطة القريبة في تلك الدورة، فلا يمكن ان تتساوى النقطتان فيما طوتهما من المسافة. وأما أن النقطة القريبة طوت جزءا من المسافة، التي طوتها النقطة البعيدة، فهذا يعني