بعض كتاب الفلسفات فيه حتى اعتبروا المثالية وصفا لكل فلسفة ترتكز على الشك، أو تنطوي على محاولة لابعاد جانب من الأشياء الموضوعية عن نطاق المعرفة الانسانية أو تؤمن بمبدأ غيبي للعالم.
فالروحانية، واللاأدرية، والتجريبية، والعقلائية، والنقدية والظاهراتية الوجودية، كلها فلسفات مثالية في زعمهم (1).
لأجل أن يتضح دور المثالية في نظرية المعرفة الانسانية نتناول بالدرس الاتجاهات المهمة للمثالية الحديثة وهي: الاتجاه الفلسفي. والاتجاه الفيزيائي، والاتجاه الفسيولوجي.
1 - المثالية الفلسفية:
والممثل الأساسي لها (باركلي) الذي يعد امام المثالية الحديثة، وتعتبر فلسفته نقطة الانطلاق للاتجاه المثالي أو النزعة التصورية في قرون الفلسفة الأخيرة.
وجوهر المثالية في مذهب (باركلي) يتلخص في عبارته المشهورة: (ان يوجد هو: ان يدرك أو أن يدرك)، فلا يمكن أن يقر بالوجود لشيء ما لم يكن ذلك الشيء مدركا أو مدركا، والشيء المدرك هو النفس، والأشياء المدركة هي التصورات والمعاني القائمة في مجال الحس والادراك. فمن الضروري أن نؤمن بوجود النفس ووجود هذه المعاني، وأما الأشياء المستقلة عن حيز الادراك - الأشياء الموضوعية - فليست موجودة لأنها ليست مدركة.
ويتناول (باركلي) في بحثه بعد ذلك الأجسام التي يسميها الفلاسفة بالجواهر المادية ليخفيها عن مسرح الوجود قائلا: اننا لا ندرك من المادة التي يفترضونها الا مجموعة من التصورات الذهنية والظواهر الحسية، كاللون والطعم والشكل والرائحة وما إليها من صفات.