الثالثة: ان العلم بوجود واقع موضوعي، لهذا الحس أو ذاك، انما يكتسب على ضوء مبدأ العلية.
* العلية والنظريات العلمية ان النظريات العلمية في مختلف ميادين التجربة والمشاهدة، تتوقف بصورة عامة على مبدأ العلية وقوانينها، توقفا أساسيا. وإذا سقطت العلية ونظامها الخاص، من حساب الكون، يصبح من المتعذر تماما تكوين نظرية علمية في أي حقل من الحقول. وليتضح هذا نجد من الضروري أن نشير إلى عدة قوانين من المجموعة الفلسفية للعلية التي يرتكز عليها العلم، وهي كما يلي:
أ - مبدأ العلية القائل: ان لكل حادثة سببا.
ب - قانون الحتمية، القائل: ان كل سبب يولد النتيجة الطبيعية له، بصورة ضرورية، ولا يمكن للنتائج ان تنفصل عن أسبابها.
ج - قانون التناسب، بين الأسباب والنتائج، القائل: ان كل مجموعة متفقة في حقيقتها، من مجاميع الطبيعة، يلزم ان تتفق أيضا، في الأسباب والنتائج.
- فعلى ضوء مبدأ العلية، نعرف - مثلا - ان الاشعاع، الذي ينبثق عن ذرة الراديوم، له سبب، وهو الانقسام الداخلي في محتوى الذرة. وعلى ضوء قانون الحتمية، نستكشف ان هذا الانقسام، عند استكمال الشروط اللازمة، يولد الاشعاع الخاص، بصورة حتمية، وليس من الممكن الفصل بينهما. وعلى أساس قانون التناسب، نستطيع ان نعمم ظاهرة الاشعاع، وتفسيرها الخاص، لجميع ذرات الراديوم، فنقول: ما دامت جميع ذرات هذا العنصر، متفقة في الحقيقة فيجب أن تتفق في أسبابها ونتائجها، فإذا كشفت التجربة العلمية عن اشعاع في بعض ذرات الراديوم، أمكن القول باعتباره ظاهرة عامة، لسائر الذرات المماثلة، في الظروف المشخصة الواحدة.