* الانحراف عن العملية الشيوعية.
ولكن أقطاب الشيوعية الذين نادوا بهذا النظام، لم يستطيعوا ان يطبقوه بخطوطه كلها حين قبضوا على مقاليد الحكم، واعتقدوا انه لابد لتطبيقه من تطوير الانسانية في أفكارها ودوافعها ونزعاتها، زاعمين ان الانسان سوف يجيء عليه اليوم الذي تموت في نفسه الدوافع الشخصية والعقلية الفردية، وتحيا فيه العقلية الجماعية والنوازع الجماعية، فلا يفكر الا في المصلحة الاجتماعية ولا يندفع الا في سبيلها.
ولأجل ذلك كان من الضروري - في عرف هذا المذهب الاجتماعي - إقامة نظام اشتراكي قبل ذلك، ليتخلص فيه الانسان من طبيعته الحاضرة، ويكتسب الطبيعة المستعدة للنظام الشيوعي. وهذا النظام الاشتراكي أجريت فيه تعديلات مهمة على الجانب الاقتصادي من الشيوعية. فالخط الأول من خطوط الاقتصاد الشيوعي، وهو الغاء الملكية الفردية، قد بدل إلى حل وسط وهو تأميم الصناعات الثقيلة والتجارة الخارجية والتجارات الداخلية الكبيرة، ووضعها جميعا تحت الانحصار الحكومي، وبكلمة أخرى، الغاء رأس المال الكبير مع اطلاق الصناعات والتجارات البسيطة وتركها للأفراد، وذلك لأن الخط العريض في الاقتصاد الشيوعي اصطدم بواقع الطبيعة الانسانية الذي أشرنا اليه، حيث أخذ الافراد يتقاعسون عن القيام بوظائفهم والنشاط في عملهم، ويتهربون من واجباتهم الاجتماعية، لأن المفروض تأمين النظام لمعيشتهم وسد حاجاتهم كما ان المفروض فيه عدم تحقيق العمل والجهد مهما كان شديدا لأكثر من ذلك. فعلام اذن يجهد الفرد ويكدح ويجد، ما دامت النتيجة في حسابه، هي النتيجة في حالي الخمول والنشاط؟!، ولماذا يندفع إلى توفير السعادة لغيره وشراء راحة الآخرين بعرقه ودموعه وعصارة حياته وطاقاته، ما دام لا يؤمن بقيمة من قيم الحياة الا القيمة المادية الخالصة؟!! فاضطر زعماء هذا المذهب إلى تجميد التأميم المطلق.
كما اضطروا أيضا إلى تعديل الخط الثاني من خطوط الاقتصاد الشيوعي أيضا: وذلك بجعل فوارق بين الأجور. لدفع العمال إلى النشاط والتكامل في