يكون البعض مقدورا وهو الإمكان قائم في الكل على سواء، ونسبة قدرته إلى الكل على سواء، فلو اختصت قادريته بالبعض دون البعض لكان ذلك ترجيحا بلا مرجح وهو محال. وأما بيان حقيقة الملزوم فقد سبق.
أما المشائخ فقد منعوا من كونه تعالى قادرا على أعيان افعال العباد، وحجتهم أنه لو قدر على ذلك لصح مقدور بين قادرين، واللازم باطل فالملزوم مثله. أما الملازمة فظاهرة. وأما بطلان اللازم فلأن أحدهما إذا أراد الفعل وكرهه الآخر فليس وقوعه بإرادة المريد أولى من عدم وقوعه بكراهة إنكاره، فإما أن يقع أو لا يقع فيكون ترجيحا بلا مرجح أو يقع ولا يقع فيجتمع النقيضان.
وأما البلخي فإنه منع من كونه قادرا على مثل فعل العبد، وحجته أن فعل العبد إما طاعة أو سفه وعبث، وهي ممتنعة على الله تعالى.
وأما النظام فزعم أنه تعالى لا يقدر على فعل القبيح، وحجته أنه لو قدر على ذلك لقدر وقوعه منه، إذ كل ممكن لا يلزم من فرض وقوعه محال، لكن وقوعه منه يستلزم الجهل والحاجة المحالين عليه، والمستلزم للمحال محال فوقوعه منه محال، فهو غير مقدور له.
وأما عباد فزعم أن ما علم الله تعالى وجوده وجب وما علم عدمه امتنع، والواجب والممتنع غير مقدورين.
وجواب الأولين: لا نسلم امتناع مقدور بين قادرين. قوله " إذا أراد أحدهما الفعل " إلى آخره. قلنا: يقع بإرادة المريد، والكراهة إنما تعارض الإرادة في القادر الواحد، إما أنها تعارض إرادة قادر آخر فممنوع.
وجواب البلخي: أن كون الفعل طاعة وسفها وعبثا صفات تعرض للفعل بالنسبة إلى العبد، فلم قلت أن ذلك يمنع من كون ذات الفعل مقدورة.