إن أصول الفضائل كما علمت أربعة وهو العلم والعفة والشجاعة والعدالة، وقد كانت ثابتة له عليه السلام. أما العلم فقد كان عليه السلام أعلم الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وبيانه بالاجمال والتفصيل:
أما الإجمال فهو أنه لا نزاع في أنه كان في غاية الذكاء والاستعداد للعلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل الفضلاء، ثم إنه بقي من أول صغره إلى حين وفاة الرسول في خدمته يلازمه ليلا ونهارا ويدخل عليه في كل وقت، ولم يتفق ذلك لأحد من الصحابة. ومعلوم أن التلميذ إذا كان بتلك الصفة من الفطنة والحرص على العلم وكان الأستاذ في غاية الفضل والحرص على إرشاده وتعليمه وكان الاتصال بينهما حاصلا في كل الأوقات فإنه يبلغ ذلك التلميذ مبلغا عظيما في العلم.
وأما التفصيل فمن وجوه:
أحدها - قوله عليه السلام " أقضاكم علي " والقضاء محتاج إلى جميع أنواع العلوم، فلما رجحه في القضاء على الكل يلزم ترجيحه عليهم في كل العلوم، وأما سائر الصحابة فإنما رجح بعضهم في علم واحد، كقوله عليه السلام " أفرضكم زيد " و " أقرأكم أبي ".
الثاني - إن أكثر المفسرين سلموا أن قوله تعالى " وتعيها أذن واعية " (1) نزلت في حق علي عليه السلام، واختصاصه بزيادة الفهم يستلزم اختصاصه بمزيد العلم.
الثالث - نقل عنه عليه السلام أنه قال " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا "، وذلك يدل على أنه قد بلغ في كمال العلم إلى أقصى ما يبلغ إليه القوة البشرية