اللازم فلما سيأتي إنشاء الله تعالى.
(الثاني) إنه إذا اغتذى إنسان بانسان آخر حتى صارت أجزاء المأكول أجزاء من المغتذي فيوم القيامة لا بد أن ترد تلك الأجزاء إلى بدن أحد الشخصين فيضيع الآخر، فعلمنا بطلان حشر الأجساد.
(الثالث) أنه تعالى إذا أعاد بدن شخص فإما أن يعيد الأجزاء التي كانت موجودة وقت الموت أو جملة الأجزاء التي كانت في مدة الحياة، والأول يقتضي أن يعاد الأعمى والمجذوم والأقطع على تلك الصور وهو باطل بالاتفاق، والثاني باطل لأن المسلم إذا كان سمينا ثم كفر فهزل يلزم أن تعذب الأجزاء التي كانت موصوفة بصفة الإسلام، وكذلك لو كان كافرا سمينا ثم أسلم وهزل يلزم إيصال الثواب إلى الأجزاء الكافرة، وذلك ظلم وهو غير جائز من الحكيم.
والجواب عن الأول: لم لا يجوز أن يكون الإنسان عبارة عن أجزاء أصلية في هذا البدن باقية من أول العمر إلى آخره لا يجوز عليها التبدل والتغير، وهي التي ينسب إليها الطاعة والمعصية، ثم عند الموت تنفصل تلك الأجزاء وتبقى على حالها وعند الإعادة تؤلف وتضم معها أجزاء أخر زائدة ويوصل إليها ثواب والعقاب. وعلى هذا يكون المثاب والمعاقب في القيامة عين من كان مطيعا وعاصيا في الدنيا.
وعن الثاني: إنا بينا أن المعتبر في الحشر والنشر إعادة الأجزاء الأصلية دون الفاضلة، فالأجزاء الأصلية لكل بدن تكون فاضلة في غيره.
وبهذا الحرف يظهر الجواب عن الثالث، لأن المطيع والعاصي والمثاب والمعاقب ليس إلا تلك الأجزاء الأصلية الباقية من أول العمر إلى آخره، فأما الأجزاء الزائدة المتبدلة بالسمن والهزال فلا عبرة بها.