كما هو الظاهر منها (وأنت تعلم أن الظواهر إذا تعارضت لم تقبل شهادتها) خصوصا في المسائل اليقينية (ووجب الرجوع إلى غيرها) من الدلائل العقلية القطعية وقد مر منها ما فيه كفاية لإثبات مذهبنا (المقصد الثاني في التوليد وفروعه) إعلم أن
المعتزلة لما أسندوا أفعال العباد إليهم ورأوا فيها ترتبا) ورأوا فيها أيضا إن الفعل المترتب على آخر يصدر عنهم وإن لم يقصدوا إليه أصلا فلم يمكنهم لهذا أسناد الفعل المترتب إلى تأثير قدرتهم فيه ابتداء لتوقفه على القصد (قالوا بالتوليد وهو أن يوجب فعل لفاعله فعلا آخر نحو حركة اليد و) حركة (المفتاح) فإن الأولى منهما أوجبت لفاعلها الثانية سواء قصدها أو لم يقصدها (والمعتمد في إبطاله) أي إبطال التوليد (ما بينا من استناد جميع الممكنات إلى الله تعالى ابتداء وقد يحتج عليه) أي على إبطاله (بأنه) يلزم من التوليد أما اجتماع مستقلين على مقدور واحد وأما الترجيح بلا مرجح وذلك لأنه (إذا التصق جسم بكف قادرين وجذبه أحدهما ودفعه الآخر) في زمان جذبه (إلى جهته فإن قلنا حركته) أي حركة ذلك الجسم وهي واحدة بالشخص (تولدت من حركة اليد فأما بهما) أي بالجذب والدفع معا (فيلزم مقدور بين قادرين) مستقلين بالتأثير وقد مر استحالته (وأما بأحدهما) فقط (وهو تحكم محض معلوم بطلانه وهذا) الاحتجاج الدال على لزوم المحال للتوليد في المثال المذكور (لا يلزم ضرارا وحفصا القائلين بعدم التوليد فيما قام بغير محل القدرة) وبيانه على ما في الأبكار إن المتولدات منها ما هي قائمة بمحل القدرة كالعلم النظري المتولد من النظر ومنا ما هي قائمة بغير محل القدرة فاختلفت
المعتزلة فذهب بعضهم إلى أنها بأسرها فعل لفاعل
السبب وإن كان معدوما حال وجود المتولد كمن رمى سهما ومات قبل بلوغ السهم الرمية فإن الإصابة والآلام الحادثة منها من فعل
الميت وذهب ثمامة بن
____________________
الذي هو الحاصل بالمصدر وذا لا يصدق على مثل السرير فتدبر (قوله فيلزم مقدور بين قادرين) فيه نظر إذ للخصم أن يسند الحركة إلى مجموع القدرتين ويمنع استقلال كل منهما بإحداث الحركة على الوجه الذي وقع باجتماعهما غاية الأمر أنه مستقل بإحداث حركة ذلك الجسم في الجملة فحينئذ لا توارد ولا تحكم (قوله) وبيانه على ما في الأبكار الخ) إنما قال على ما في الأبكار لما في تقرير مذهب ضرار وحفص من الاختلافات فإن ما نسب إليهما ههنا من القول بعدم التوليد فيما قام بغير محل القدرة نسبه الشهرستاني في كتاب الملل والنحل إلى النظام بحكاية الكعبي عنه ونسب إلى ضرار وحفص القول بكون أفعال العباد مخلوقة لله تعالى مكتسبة للعبد