التي لا تتوقف معرفة التكليف على معرفتها (وربما احتج
الخصم) على كون العبد موجدا لأفعاله (بالظواهر آيات تشعر بمقصوده وهي أنواع * الأول فيه إضافة الفعل إلى العبد نحو فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم * الثاني ما فيه مدح وذم) نحو وإبراهيم الذي وفي كيف تكفرون بالله (و) ما فيه (وعد ووعيد) كقوله من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم (وهو أكثر من أن يحصى * الثالث الآيات الدالة على أن أفعال الله تعالى منزهة عما يتصف به فعل العبد من تفاوت واختلاف وقبح وظلم) كقوله تعالى ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا الذي أحسن كل شئ خلقه وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون * (الرابع تعليق أفعال العباد بمشيئتهم) أي الآيات الدالة عليه (نحو فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر * الخامس الأمر بالاستعانة نحو إياك نستعين استعينوا بالله) ولا معنى للاستعانة فيما يوجده الله في العبد فيما يوجده العبد بإعانة من ربه * (السادس اعتراف الأنبياء بذنوبهم) كقول
آدم عليه السلام ربنا ظلمنا أنفسنا وقول يونس عليه السلام سبحانك إني كنت من
الظالمين * (السابع ما يوجد) في الآخرة (من الكفار والفسقة من التحسر وطلب الرجعة نحو ارجعوني لعلي أعمل صالحا لو أن لي كرة فأكون من المحسنين الجواب أن هذه الآيات معارضة بالآيات الدالة على أن جميع الأفعال بقضاء الله وقدره) وإيجاده وخلقه (نحو والله خلقكم وما تعملون) أي عملكم (خالق كل شئ) وعمل العبد شئ فعال لما يريد وهو يريد الإيمان) إجماعا (فيكون فعالا له وكذا الكفر إذ لا قائل بالفصل و) معارضة (بالآيات المصرحة بالهداية والإضلال والختم نحو
يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وختم الله على قلوبهم وهي محمولة على حقائقها
____________________
تعالى فالرد الثاني مردود فتأمل (قوله الأول ما فيه إضافة الفعل إلى العبد) لما تبت بالدلائل أن الكل بقضاء الله تعالى وقدرته وجب جعل هذه ألفاظ مجازات عن السبب العادي أو جعل هذه الإسنادات مجازات لكون العبد سببا لهذه الأفعال كما في بنى الأمير المدينة (قوله أي عملكم) مبنى على ما ذهب إليه سيبويه من أن ما مصدرية لاستغنائه عن الحذف ولو جعلت موصولة تم الاستدلال أيضا لأن كلمة ما عامة يتناول جميع ما يعملونها من الأوضاع والحركات وغير ذلك قيل على تقدير جعل ما مصدرية أيضا يحتاج إلى جعل إضافة عملكم لإفادة العموم وإلا فالعمل بمعنى المعمول وهو يصدق على مثل السرير بالنسبة إلى النجار ولا خلاف في أنه مخلوق له تعالى ويرد عليه أنه لا إضافة في الآية حتى يتصور حملها بمعونة المقام على الاستغراق ثم إنه لا حاجة إليه لأن العمل ههنا بمعنى المعمول