واقعا في الزمان بل هو تقدم ذاتي عندهم وقسم سادس عندنا كتقدم بعض أجزاء الزمان على بعضها (و) يعلم أيضا (أن بقاءه أوليس عبارة عن وجوده في زمانين) وإلا كان تعالى زمانيا بل هو عبارة امتناع عدمه ومقارنته مع الأزمنة (ولا القدم عبارة عن أن يكون قبل كل زمان زمان) وإلا لم يتصف به الباري تعالى (وأنه) أي ما ذكرنا ه من أنه تعالى أوليس زمانيا (يبسط العذر في ورود ما ورد من الكلام الأزلي بصيغة الماضي ولو في الأمور المستقبلة) الواقعية فيما لا يزال كقوله تعالى إنا أرسلنا نوحا وذلك لأنه إذا لم يكن زمانيا لا بحسب ذاته ولا بحسب صفاته كان نسبة كلامه الأزلي إلى جميع الأزمنة على السوية إلا أن حكمته تعالى اقتضت التعبير عن بعض الأمور بصيغة الماضي وعن بعضها بصيغته المستقبل فسقط ما تمسك به المعتزلة في حدوث القرآن من أنه لو كان قديما لزم الكذب في أمثال ما ذكر فإن الارسال لم يكن واقعا قبل الأزل (وههنا أسرار أخر لا أبوح بها ثقة بفطنتك) منها إذا قلنا كان الله موجودا في الأزل وسيكون موجودا في الأبد وهو موجود الآن لم نرد به إن وجوده واقع في تلك الأزمنة بل أردنا إنه مقارن معها من غير أن يتعلق بها (كتعلق) الزمانيات ومنها أنه لو ثبت وجود مجردات عقلية لم تكن أيضا زمانية ومنها أنه إذا لم يكن زمانيا لم يكن بالقياس إليه ماض وحال ومستقبل فلا يلزم من علمه بالتغيرات تغير في علمه إنما يلزم ذلك إذا دخل فيه الزمان (المقصد الخامس) في أنه تعالى لا يتحد بغيره لما علمت فيما تقدم) أي في الموقف الثاني (من امتناع اتحاد الاثنين مطلقا و) في (أنه تعالى لا يجوز أن يحل في غيره) وذلك (لأن الحلول هو الحصول على سبيل التبعية وأنه ينفي الوجوب) الذاتي (وأيضا لو استغني عن المحل لذاته لم يحل فيه) إذ لا بد في الحلول من حاجة ويستحيل أن يعرض للغني بالذات ما يحوجه إلي المحل لأن ما بالذات ما يحوجه إلى المحل لأن ما بالذات لا يزول بالغير (وإلا احتياج إليه) أي إلى المحل (لذاته)
(٢٨)