وتكليمه لهم من وراء حجاب وإرساله إياهم إلى الأمم ليكلمهم على ألسنتهم (وإذ لم يره من يكلمه في وقت الكلام لم يره في غيره إجماعا) وإذا لم يره هو أصلا لم يره غيره أيضا إذ لا قائل بالفرق (والجواب التكليم وحيا قد يكون حال الرؤية) فإن الوحي كلام يسمع بسرعة (وماذا فيه من الدليل على نفي الرؤية (تذنيب) الكرامية) والمجسمة (وافقونا في الرؤية وخالفونا في الكفية فعندنا أن الرؤية تكون من غير مواجهة) ولا مقابلة ولا ما في حكمها (إذ يمتنع ذلك في الموجود المنزه عن الجهة والمكان وهم يدعون الضرورة في أن ما لا يكون في جهة قدام الرائي ولا مقابلا له أو في حكم المقابل لا يرى موافقين في ذلك
للمعتزلة) ومخالفين لهم في أصل الرؤية (والجواب إنا نمنع الضرورة وما ذلك) أي ادعاء الضرورة (منهم) ههنا (إلا كدعوى الضرورة في أن كل موجود فإنه في جهة وحيز وما أوليس في حيز وجهة فإنه أوليس بموجود ولعل هذا) الادعاء (فرعه) أي فرع ذلك الادعاء وقد وافقنا الحكماء
والمعتزلة على أن حصر الموجود فيما ذكر حكم وهمي مما أوليس بمحسوس فيكون باطلا فكذا الضرورة التي ادعاها الكرامية والمجسمة في الرؤية (المقصد الثاني) في العلم بحقيقة الله والكلام في الوقوع والجواز وفيه مقامان * المقام الأول الوقوع إن حقيقة الله تعالى غير معلومة للبشر وعليه جمهور المحققين) من الفرق الإسلامية وغيرهم
____________________
أوليس هذا تكلما في الحقيقة ولذا لم يورده المصنف فكأنه قال حصر التكلم الحقيقي في اثنين (قوله لم يره في غيره إجماعا) قيل حصر التكلم في الأمور المذكورة إنما هو في دار التكليف جمعا بين الأدلة ونحن لا نقول بالرؤية فيها ويؤيده ما قيل في سبب نزول الآية أن اليهود قالوا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أوليس النبي إلا من كلمه الله تعالى وينظر إليه كما كلم موسى عليه السلام ونظر إليه فلا نؤمن بك حتى يحصل لك ذلك فقال صلى الله عليه وسلم لم ينظر موسى عليه السلام إلى الله فنزلت الآية لتصديقه صلى الله عليه وسلم فتأمل (قوله والجواب أن التكليم وحيا قد يكون حال الروية) بل ينبغي أن يحمل عليها ليصلح جعله قسيما لقوله أو من وراء حجاب إذ لا معنى له سوى كونه بدون الرؤية كذا في تفسير القاضي وشرح المقاصد وفيه بحث لأن الحصر المذكور لا بد أو يخرج شيئا ولو حمل الوحي على حالة الرؤية والحجاب على عدمها لم يبق حاله خارجة عنهما وقد يقال معنى التكلم من وراء حجاب أن يرى شيئا ولا يسمع منه كلام الله تعالى بلا كيف له فيه كشجرة موسى عليه السلام في الوادي الأيمن فيصلح قسيما لإرسال الرسل وللوحي فإن الوحي يكون بإلقاء في القلب إما في اليقظة أو في النوم (قوله غير معلومة للبشر)