شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٥٧
(تصديق بما علم من نفسه خلافه ضرورة) أي إذا كان مصدقا كان عالما بتصديقه علما ضروريا وجدانيا فلا يمكنه حينئذ التصديق بعدم التصديق لأنه يجد في باطنه خلافه وهو التصديق بل يكون علمه بتصديقه موجبا لتكذيبه في الأخبار بأنه لا يصدق (وأنه) أي إيمانه المشتمل على ما ذكر (محال) لاستلزامه الجمع بل التصديق والتكذيب في حالة واحدة وإذا كان المكلف به محالا لم يكن للتكليف بإتيانه فائدة وأعترض عليه بأن الإيمان واجب بما علم مجيئه به لا بما جاء به مطلقا سواء علمه المكلف أو لم يعلمه ولا نسلم أن هذا الخبر مما علم أبو لهب مجيئه به حتى يلزم تصديقه فيه وتلخيصه أن الإيمان هو التصديق الإجمالي أي كل ما جاء به فهو حق وليس في هذا التصديق الإجمالي من أبي لهب استحالة وأما التصديق التفصيلي منه فهو مشروط بعلمه بوجود هذا الخبر ومستلزم للجمع بين النقيضين فهو المحال دون الأول فليتأمل * (الخامس التكليف واقع بمعرفة الله) تعالى إجماعا (فإن كان ذلك) التكليف (في حال حصول المعرفة تكليف بتحصيل الحاصل وإنه) أي تحصيل الحاصل (محال) فيكون التكليف به ضائعا لا طائل تحته (وإن كان في حال عدمها فغير العارف بالمكلف وصفاته المحتاج إليها في صحة التكليف منه) وصدوره عنه كالعدم والقدرة والإرادة وغيرها (غافل عن التكليف وتكليف الغافل تكليف بالمحال) وعار عن الفائدة ورد عليه بما مر من أن الغافل من لا يتصور لا من لا يصدق وبأن التكليف إنما هو للعارف به وبصفاته المذكورة ليعرفه من جهات أخرى كالوحدانية وغيرها من الصفات
____________________
حادث ويبدل اعتقاده إليه ولا استحالة فيه مع أنه تصديق بما وجد من نفسه خلافه بل الاستحالة فيما نحن فيه إنما نشأ من خصوصية المقام حيث لزم فيه الجمع بين التصديق وعدمه وهو محال بالضرورة وذلك لأن الإيمان بأنه لا يؤمن يتوقف على ثبوت عدم الإيمان فيه لأن الإيمان وعدمه من أفعال القلب والتصديق بفعل القلب يتوقف على ثبوته في القلب فيلزم من وقوعه المكلف به الجمع بين الإيمان وعدمه (قوله ولا نسلم أن هذا الخبر مما علم أبو لهب مجيئه) قيل لا شك أن سماع هذا الخبر ممكن له وأنه مكلف بالتصديق التفصيلي على تقدير سماعه فيلزم منه جواز التكليف بالجمع بين النقيضين وإن لم يقع وهو المطلوب ههنا ولعل هذا هو وجه التأمل ولك أن تقول لا نسلم أنه مكلف بالتصديق التفصيلي على تقدير العلم بهذا الخبر ويؤيده ما قال ابن الحاجب من أن المكلف إذا علم أن المكلف به لا يقع لا يجوز تكليفه به فإن قلت إذا لم يكلف لزم أن لا يعاقب والقول بأن التكليف أولا كاف لا جهة له لأن الساقط لا يعود قلت المعلوم يقينا هو أنه معاقب بالفعل لعدم إتيانه بالتصديق الإجمالي الذي أمر به وأما إنه كان يعاقب على ذلك التقدير أيضا فيحتاج إلى البيان فليتأمل (قوله وبأن التكليف إنما هو الخ) فيه بحث لأن الظاهر أن المراد من المعرفة معرفة وجوده تعالى ولا شك أن الدهري النافي للصانع مكلف بأن ينظر فيعرف وجوده
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344