وبعضها على الكناية وبعضها على المجاز مراعيا لجزالة المعنى وفخامته ومجانبا عما يوجب ركاكته فعليك بالتأمل فيها وحملها على ما يلبق بها والله المستعان وعليه التكلان (المرصد الخامس) فيما
يجوز عليه تعالى) أي
يجوز أن يتعلق به كالرؤية والعلم بالكنه (وفيه مقصدان (المقصد الأول) في الرؤية والكلام في الصحة وفي الوقوع وفي شبه المنكرين فهنا ثلاث مقامات المقام الأول في صحة الرؤية وقد طال نزاع المنتمين إلى الملة فيها فذهبت
الأشاعرة إلى أنه تعالى يصح أن يرى ومنعه الأكثرون) قال الآمدي اجتمعت الأئمة من أصحابنا على أن رؤيته تعالى في الدنيا والأخرى جائزة عقلا واختلفوا في جوازها سمعا في الدنيا فأثبته بعضهم ونفاه آخرون وهل
يجوز أن يرى في المنام فقيل لا وقيل نعم والحق أنه لا مانع من هذه الرؤيا وإن لم تكن رؤية حقيقة ولا خلاف بيننا في أنه تعالى يرى ذاته
والمعتزلة حكموا بامتناع رؤيته عقلا لذي الحواس واختلفوا في رؤيته لذاته (ولا بد أولا من تحرير محل النزاع فنقول إذا نظرنا إلى الشمس فرأيناها ثم غمضنا العين فعند التغميض نعلم الشمس علما جليا وهذه الحالة مغايرة للحالة الأولى التي هي الرؤية بالضرورة) فإن الحالتين وإن اشتركتا في حصول العلم فيهما إلا أن الحالة الأولى فيها أمر زائد هو الرؤية وكذا إذا علمنا شيئا علما تاما جليا ثم رأيناه فإنا نعلم بالبديهة تفرقة بين الحالتين وأن في الثانية زيادة ليست في الأولى (قالت الفلاسفة هي)
____________________
وكذلك أوائل كل شئ والتباشير البشرى أيضا (قوله والكلام في الصحة وفي الوقوع) فإن قلت لم لم يقتصروا على أدلة الوقوع مع أنها تفيد الإمكان أيضا قلت لأنها كلها سمعيات ربما يدفعها الخصم بمنع إمكان المطلوب فاحتاجوا إلى بيان الإمكان أولا والوقوع ثانيا فإن قلت المعول عليه من أدلة الإمكان المحض أيضا سمعي إذ لا وثوق على الدليل العقلي ههنا كما ستقف عليه قلت نعم لكنه قطعي وليس في أدلة الوقوع المشهورة دليل بهذه الحيثية اللهم إلا أن يتشبث بالإجماع قبل ظهور المخالف وبالجملة في الطريق الذي سلكوه اهتمام بإثبات الوقوع الذي هو المقصد الأصلي (قوله فههنا ثلاث مقامات المقام الأول) في العبارة مساهلة لأنها لا تخلو إما أن تكون المقامات جمع مقامة أو مقام فعلي الأول ينبغي أن يقول المقامة الأولى بالتأنيث وعلى الثاني ينبغي أن يقول ثلاثة مقامات (قوله ونفاه آخرون) يرده أن الدليل السمعي الذي سيذكره يدل على جوازها في الدنيا (قوله والحق أنه لا مانع من هذه الرؤيا) وإن لم تكن رؤية حقيقية قال المحققون المثال غير المثل ورؤية الحق في المنام بمثاله لا بمثله إذ لا مثل له قال الغزالي وكذا رؤية جبرائيل عليه السلام في صورة دحية الكلبي وغيره وفيه نظر إذ لا يكون الآتي بالوحي نفس