شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٩٥
أن الأصل ثبت بالشرع وحكم العقل فيه) أي في الأصل (بالمعنى المتنازع فيه ممنوع) بل إنما يحكم فيه بمعنى الملائمة وموافقة الغرض والمصلحة (* وثانيهما أنه تعالى خلق العبد وخلق الشهوة فيه وخلق المنتفع به) من الثمار المطعومة وغيرها (فالحكمة تقتضي أباحته) أي إباحة الانتفاع وإلا كان حقه عبثا (وكيف يدرك تحريمه بالعقل وما هو إلا كمن يغترف غرفة من بحر لا ينزف ليدفع به عطشه المهلك أترى العقل يحكم بمنع إكرام الأكرمين منه وتكليفه التعرض للهلاك كلا * والجواب ربما خلقه ليصبر) عنه ويمنع هواه وشهوته (فيثاب) على ذلك وهذه منفعة جليلة (أو) خلقه (لغرض آخر لا نعلمه * وأما التوقف فيفسر تارة بعدم الحكم ومرجعه الإباحة إذ ما لا منع فمباح إلا أن يشترط) في الإباحة (الإذن فيرجع إلى كونه) حكما (شرعيا) لا عقليا وكلامنا فيه وإنما يتجه هذا اشترط إذن الشارع لا إذن العقل وربما يقال هذا التفسير جزم بعدم الحكم لا توقف إلا أن يراد توقف العقل عن الحكم (و) يفسر (تارة بعدم العلم) أي هناك حظر أو إباحة لكنا لا نعلمه (وهذا أمثل) من التفسير الأول المشتمل على نوع تكلف في معنى التوقف كما عرفت لكن عدم العلم (لا لتعارض الأدلة) إذ قد تبين بطلانها (بل لعدم الدليل) على أحد هذين الحكمين بعينه (المقصد السادس) إعلم أن الأمة قد اجتمعت) إجماعا مركبا) على أن الله لا يفعل القبيح ولا يترك الواجب فالأشاعرة من جهة أنه لا قبيح منه ولا واجب عليه) فلا يتصور منه فعل قبيح ولا ترك واجب (وأما المعتزلة فمن جهة أن ما هو قبيح منه يتركه وما يجب عليه يفعله وهذا) الخلاف في مبنى الحكم المتفق عليه (فرع المسألة المتقدمة) أعني قاعدة التحسين والتقبيح (إذ لا حاكم بقبح القبيح منه ووجوب الواجب عليه إلا العقل) فمن جعله حاكما بالحسن والقبح
____________________
أو الإباحة فتأمل (قوله من بحر لا ينزف) أي لا ينقص من نزف السرداب أي ذهب ماؤها (قوله لغرض آخر) هذا على تقدير أن يكون أفعال الله تعالى معللة بالأغراض (قوله أي هناك خطر أو إباحة لكنا لا نعلمه) فيه دفع لما ذكره المحقق التفتازاني في التلويح من أن تفسير التوقف بعدم العلم بأن فيه حكم الله أم لا باطل لأنا نعلم قطعا إن الله تعالى في كل فعل حكما إما بالمنع أو بعدمه (قوله على أن الله لا يفعل القبيح) فإن قيل الكفر والظلم والمعاصي كلها قبائح وقد خلقها الله تعالى قلت نعم إلا أن خلق القبيح أوليس بقبيح فهو موجد للقبيح لا فاعل له فإن قيل فلا يفعل الحسن أيضا لأنه لا حكم عليه أمرا كما لا حكم عليه نهيا والإجماع على خلافه قلنا قد ورد الشرع بالثناء في أفعاله فكانت حسنة لكونها متعلقة للمدح والثناء عند الله تعالى وأما إذا اكتفى في الحسن بعدم استحقاق الذم
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344