تناولها إياه (لكن الخلود) المذكور فيها (هو المكث الطويل وما ذكرتم) من الاستدلال على أنه حقيقة في الدوام (معارض بما يقال) في الاستعمال الشائع (حبس مخلد ووقف مخلد وخلد الله ملكه) والمراد طول المدة بلا شبهة فالأولى حينئذ أن يجعل حقيقة في المكث الطويل سواء كان معه دوام أو لا احتراز عن لزوم المجاز أو الاشتراك (والآية) المذكورة حملناها على الدوام) الذي هو أحد قسمي المكث الطويل (لقرينة الحال) فلا يلزم مجاز لأن خصوصية ذلك القسم مستفادة من خارج لا مقصودة بنفس اللفظ (الثاني) من الوجهين (قوله) تعالى (وإن الفجار لفي جحيم يصلونها
يوم الدين وما هم عنها بغائبين ولو خرجوا عنها لكانوا غائبين عنها الجواب) عن هذه الآية وحدها إن لفظ الفجار لا يتناول إلا من هو كامل في فجوره وهو الكافر كما يدل عليه قوله أولئك هم الكفرة الفجرة وأيضا ظاهرها يقتضي كون الفجار في الجحيم في الحال ومعلوم أنه أوليس الأمر كذلك فوجب التأويل باستحقاق النار وعدم غيبتهم عن استحقاقها لكن الله أخرهم عنها * برحمته مع اتصافهم بذلك الاستحقاق والجواب (عنها وعما قبلها) من الآيات المذكورة في الوجه الأول المعارضة بالآيات الدالة على الوعد بالثواب نحو) قوله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و) قوله (ويجزي الذين أحسنوا بالحسني و) قوله (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) فقد ثبت لصاحب الكبيرة بإيمانه وسائر ما يكون له من الحسنات استحقاق الثواب (وهو عندهم ينافي استحقاق العقاب فضلا عن كونه مخلدا في العقوبة فلا تكون تلك الآية عامة متناولة له (وإن سلمنا) عمومها إياه (فيجب تخصيصها بالآيات الدالة على اختصاص
العذاب بالكفار نحو قوله تعالى إنا قد أوحي إلينا أن
العذاب على من
كذب وتولى وقوله إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين وقوله كلما ألقي فيها فوج إلى قوله فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ واعلم أن اختصاص
العذاب) مطلقا (بالكفار مذهب
مقاتل بن سليمان) من المفسرين (و) مذهب (المرجئة عملا بظاهر هذه الآيات لكنا يخصصها بالعذاب المؤيد جمعا بينها وبين الأدلة الدالة على وعيد الفساق (المقصد السادس في تقرير مذهب أصحابنا) في الثواب والعقاب وما يتعلق بهما وفيه مباحث)
____________________
(قوله فلا يلزم مجاز) فيه بحث لأن لام الخلد إما للماهية من حيث هي أو للعهد الذهني وأياما كان لا يصح النفي إلا بأن يجعل مجازا عن فرد خاص فتأمل (قوله وهو عندهم ينافي استحقاق العقاب) يدفعون هذا بقضية