والحق إن التصديق يقبل الزيادة والنقصان لوجهين) أي بحسب الذات وبحسب المتعلق (الأول القوة والضعف) فإن التصديق من الكيفيات النفسانية المتفاوتة قوة وضعفا (قولكم الواجب اليقين والتفاوت) لا يكون إلا (الاحتمال النقيض قلنا لا نسلم إن التفاوت لذلك) الاحتمال فقط إذ
يجوز أن يكون بالقوة والضعف بلا احتمال للنقيض (ثم ذلك) الذي ذكرتموه (يقتضي أن يكون إيمان النبي وآحاد الأمة سواء وأنه باطل إجماعا ولقول) أي ذلك الذي ذكرتموه أوليس بصحيح لاقتضائه تلك المساواة ولقول (
إبراهيم عليه السلام ولكن ليطمئن قلبي) فإنه يدل على قبول التصديق اليقيني للزيادة كما سلف تقريره (والظاهر إن
الظن الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيض بالبال حكمه حكم اليقين) في كونه إيمانا حقيقيا فإن إيمان أكثر العوام من هذا القبيل وعلى هذا فكون التصديق الإيماني قابلا للزيادة واضح وضوحا ناما (الثاني) من وجهي التفاوت أعني ما هو بحسب المتعلق أن يقال (التصديق التفصيلي في أفراد ما علم مجيئه به جزء من الإيمان يثاب عليه ثوابه على تصديقه بالإجمال) يعني أن أفراد ما جاء به متعددة وداخلة في التصديق الاجمالي فإذا علم واحد منها بخصوصه
وصدق به كان هذا تصديقا مغايرا لذلك التصديق المجمل وجزأ من الإيمان ولا شك إن التصديقات التفضلية تقبل الزيادة فكذا الإيمان (والنصوص) كنحو قوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا (دالة على قبوله لهما) أي قبول الإيمان للزيادة والنقصان بالوجه الثاني كما أن نص قوله ولكن ليطمئن قلبي دل على قبوله لهما بالوجه الأول (المقصد الثالث) في الكفر وهو خلاف الإيمان فهو عندنا عدم تصديق الرسول في بعض ما علم مجيئه
____________________
إليه آخرون فازدياده إنما هو بحسب ازدياد أوقاتها وانتقاصه بحسب انتقاصها أو بعدم وجوبها كما في الحج والزكاة للفقير (قوله الأول القوة والضعف) قيل هذا مسلم لكن لا طائل تحته إذ النزاع إنما هو في تفاوت الإيمان بحسب الكمية أعني القلة والكثرة فإن الزيادة أكثر ما يستعمل في الأعداد وأما التفاوت في الكيفية أعني القوة والضعف فخارج عن محل النزاع (قوله ولا شك أن التصديقات التفصيلية الخ) قيل تلك التفاصيل لما كان الإيمان بها برمتها إجمالا حاصلا فبالاطلاع عليها لم ينقلب الإيمان من النقصان إلى الزيادة بل من الاجمال إلى التفصيل فقط نعم يتصور ذلك التفاوت في عصر النبي عليه السلام فإن الإيمان لما كان عبارة عن التصديق بجملة ما جاء به النبي عليه السلام فكلما ازدادت تلك الجملة ازدادت تصديق المتعلق بها لا محالة (قوله بالوجه الثاني) صرفه إلى قبوله لهما بالوجه الأول أيضا باعتبار هذه الدلالة أعني دلالة قوله تعالى وإذا تليت الآية غير