الله فيهم ذنبا و) هي (عند الحكماء) بناء على ما ذهبوا إليه من القول بالإيجاب والاعتبار استعداد للقوابل (ملكة تمنع عن الفجور وتحصل) هذه الصفة النفسانية ابتداء (بالعلم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات) فإنه الزاجر عن المعصية والداعي إلى الطاعة (وتتأكد وتترسخ هذه الصفة فيهم (بتتابع الوحي) إليهم (بالأوامر) الداعية إلى ما ينبغي (والنواهي) الزاجرة عما لا ينبغي ولا اعتراض على ما يصدر عنهم من الصغائر) سهوا أو عمدا عند من
يجوز تعمدها (و) من (ترك الأولى) والأفضل (فإن الصفات النفسانية تكون) في ابتداء حصولها (أحوالا) أي غير راسخة (ثم تصير ملكات أي راسخة في محلها (بالتدريج وقال قوم) هي العصمة (تكون خاصية في نفس الشخص أو في بدنه يمتنع بسببها صدور الذنب عنه ويكذبه) أي هذا القول (إنه لو كان) صدور الذنب (كذلك) أي ممتنعا (لما استحق المدح بذلك) أي بترك الذنب إذ لا مدح ولا ثواب بترك ما هو ممتنع لأنه أوليس مقدورا داخلا تحت الاختيار (وأيضا فالإجماع) منعقد (على أنهم) أي الأنبياء (مكلفون بترك الذنوب مثابون به ولو كان الذنب ممتنعا عنهم لما كان) الأمر (كذلك) إذ لا تكليف بترك الممتنع ولا ثواب عليه لما
عرفت آنفا (وأيضا فقوله تعالى قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي يدل على مماثلتهم لسائر الناس فيما رجع إلى البشرية والامتياز بالوحي لا غير) فلا يمتنع صدور الذنب عنهم كما عن سائر البشر (المقصد السابع في عصمة الملائكة وقد اختلف فيها فلنا في وجهان) الأول ما حكى الله عنهم من قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ولا يخفى ما فيه من وجوه المعصية) وهي أربعة (إذ فيه غيبة لمن يجعله الله خليفة بذكر مثالبه وفيه) أيضا (العجب وتزكية النفس) بذكر مناقبها (وفيه أيضا) أنهم (قالوا ما قالوه) من نسبة الافساد والسفك (رجما بالظن) إذ لا يليق بحكمة الله مع إرادته اعزاز بني آدم أن يطلع أعداءهم على عيوبهم (واتباع
الظن في مثله غير جائز لقوله
____________________
الحقيقة للعصمة بناء على قول الفلاسفة وإلا فهي عندنا أمر عدمي كما دل عليه كلامه قوله خاصية في نفس الشخص) الفرق بينها وبين الملكة المذكورة إن الملكة مكسوبة للعبد ولا يمنع قدرة العبد بخلاف الخاصية (قوله إذ لا مدح ولا ثواب) أشار بقوله ولا ثواب إلى أن المراد بالمدح المدح في نظر الشارع المستلزم للثواب لأن المحلية تكفي في مطلق المدح على ما سبق وأما الثواب فإنما يترتب على الفعل الاختياري بمعنى الحاصل عند القصد