بالصدق) أوليس أمرا لازما لزوما عقليا كاقتران وجود الفعل بوجود فاعله بل (هو أحد العاديات) كما
عرفت (فإذا جوزنا انخراقها) أي انخراق العاديات (عن مجراها) العادي (جاز إخلاء المعجز عن اعتقاد
الصدق وحينئذ
يجوز إظهاره على يد الكاذب) إذ لا محذور فيه سوى خرق العادة في المعجزة والمفروض أنه جائز (وأما بدون ذلك) التجويز (فلا)
يجوز إظهاره على يده (لأن العلم بصدق الكاذب محل (تذنيب) من الناس من أنكر إمكان المعجزة) في نفسها (ومنهم من أنكر دلالتها) على
صدق مدعي النبوة (ومنهم من أنكر العلم بها وستأتيك) في المقصد التالي لهذا المقصد (شبههم بأجوبتها) (المقصد الثالث) في إمكان
البعثة وحجتنا فيه إثبات نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم فإن الدال على الوقوع دال على الإمكان) بلا اشتباه (وقالت الفلاسفة إنها واجبة عقلا لما مر) من أن النظام الأكمل الذي تقتضيه العناية الأزلية لا يتم بدون وجود النبي الواضع لقوانين العدل (وقال بعض
المعتزلة يجب على الله و) فصل (بعضهم) فقال (إذا علم الله من أمته أنهم يؤمنون) وجب عليه إرسال النبي إليهم لما فيه من استصلاحهم (وإلا) أي وإن لم يعلم ذلك بل علم أنهم لا يؤمنون لم يجب الارسال بل (حسن) قطعا لأعذارهم (وقال أبو هاشم يمتنع خلوه) أي خلو
البعث (عن تعريف شرعيات لا يستقل العقل بها) لأن
البعثة الخالية عنه لا فائدة فيها (وجوزه الجبائي لتقرير الواجبات العقلية) فإنه فائدة جليلة (و) جوزه أيضا (لتقرير الشريعة المتقدمة) سواء كانت مندرسة أو لا (وقيل) إنما
يجوز البعث لتقريرها (إذا اندرست وهو) أي هذا الذي نقلناه من
المعتزلة على الوجود المختلفة (بناء) أي مبني (على أصلهم) الفاسد أعني قاعدة التحسين والتقبيح العقليين وما يتفرع عليها من اعتبار الغرض ووجوب الألطاف ورعاية الأصلح فيكون فاسدا أيضا (و) على تقدير صحته (لا يضرنا) في مدعانا (فإنا) إنما (ادعينا الإمكان العام) الذي يجامع الوجوب لا الإمكان الخاص الذي ينافيه (وغرضنا هنا رد شبه المنكرين) للبعثة (وهم طوائف * الأولى من أحالها) أي
____________________
السلام فليتأمل (قوله لأن العلم بصدق الكاذب محال) حاصل الكلام إن عادة اقتران المعجزة بالصادق وعدم جواز خرق العادة فيها يستلزم الصدق وصدق الكذب محال وكذا عادة خلق العلم يستلزم العلم بصدق الكاذب وبهذا التقرير يظهر اندفاع تخيل أن اعتقاد الشئ قطعا لا يستلزم وقوعه وأما كون الاعتقاد مطابقا فما