عليه منصف (وقصة آصف) وهي إحضاره عرش بلقيس من مسافة بعيدة في طرفة عين ولم يكن ذلك معجزة
لسليمان عليه السلام إذ لم يظهر على يده مقارنا لدعواه النبوة (وقصة أصحاب الكهف) وهي أن الله سبحانه وتعالى أبقاهم ثلاثمائة سنة وأزيد نياما أحياء بلا آفة ولم يكونوا أنبياء إجماعا (وشئ منها) أي من هذه الأمور الحارقة الواقعة في تلك القصص (لم يكن معجزة لفقد شرطه) كما أشرنا إليه (وهو مقارنة الدعوى والتحدي احتج من لم
يجوز الخوارق) أصلا (بما مر بجوابه ومن جوزها وأنكر)
الكرامة (احتج بأنها لا تتميز عن المعجزة فلا تكون المعجزة) حينئذ (دالة على النبوة وينسد باب إثباتها والجواب إنها تتميز بالتحدي مع ادعاء النبوة) في المعجزة (وعدمه) أي عدم التحدي مع ذلك الادعاء في
الكرامة (المرصد الثاني * في المعاد وفيه مقاصد) (المقصد * الأول في إعادة المعدوم) فإن المعاد الجسماني
يتوقف عليها عند من يقول بإعدام الأجسام دون من يقول بأن فناءها عبارة عن تفرق أجزائها واختلاط بعضها ببعض كما يدل عليه قصة
إبراهيم عليه الصلاة والسلام في أحياء الطير (وهي جائزة عندنا) وعند مشايخ
المعتزلة لكن عندهم المعدوم شئ فإذا عدم الموجود بقي ذاته المخصوصة فأمكن لذلك أن يعادوا وعندنا ينتفي بالكلية مع إمكان الإعادة (خلافا للفلاسفة والتناسخية) المنكرين للمعاد الجسماني (وبعض الكرامية وأبي الحسين البصري) ومحمود
الخوارزمي من
المعتزلة فإن هؤلاء وإن كانوا مسلمين معترفين بالمعاد الجسماني ينكرون إعادة المعدوم ويقولون إعادة الأجسام هي جمع أجزائها المتفرقة كما نبهنا عليه (لنا) في
جواز الإعادة (إنه لا يمتنع وجوده الثاني لذاته ولا للوازمه وإلا لم يوجد ابتداء) بل كان من قبيل الممتنعات لأن مقتضي ذات الشئ أو لوازمه لا يختلف بحسب الأزمنة وإذا لم يمتنع كذلك كان ممكنا بالنظر إلى ذاته وهو المطلوب (فإن قيل العود) لكونه وجودا حاصلا بعد طريان العدم (أخص من الوجود) المطلق (ولا يلزم من إمكان الأعم الأخص ولا من امتناع الأخص امتناع الأعم)
____________________
مريم ولا ذكر فيها لزكريا عليه السلام ولا لعيسى عليه السلام (قوله وهي إحضاره الخ) هذا على الأكثر وقيل الذي أحضر العرش هو الخضر عليه السلام وقيل جبرائيل عليه السلام أو ملك أيده الله تعالى به وقيل سليمان عليه السلام نفسه (قوله المرصد الثاني في المعاد) المعاد ههنا مصدر لا اسم مكان أو زمان وحقيقة العود توجه الشئ إلى ما كان عليه والمراد ههنا الرجوع إلى الوجود بعد الفناء أو رجوع أجزاء البدن إلى الاجتماع بعد التفرق وإلى الحياة بعد الممات والأرواح إلى الأبدان بعد المفارقة وأما المعاد الروحاني على ما يراه الفلاسفة فمعناه رجوع