شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٨٧
مريدا و) يبطل (الثاني لزوم كون الجماد مريدا) لأنه غير مغلوب (و) يبطل (الخامس والسادس لزوم التسلسل) في الإرادات (و) يبطل (الخامس خاصة أنه لا يقوم الحادث بذاته تعالى والسادس) خاصة (أنه يلزم عرض لا في محل وأن نسبة ما لا محل له إلى جميع الذوات سواء) فإذا كانت الإرادة قائمة بذاتها فليس كونه تعالى مريدا بها أولي من كون غيره مريدا بها (وكون ذاته تعالى لا في محل) كتلك الإرادة (لا يوجب اختصاصه به) لأن كونه لا في محل أمر سلبي فلا يكون علة للثبوت (المقصد السادس) في أنه تعالى سميع بصير السمع دل عليه وهو مما علم بالضرورة من دين محمد صلى الله عليه وسلم) فلا حاجة إلى الاستدلال عليه كما هو حق سائر الضروريات الدينية (والقرآن و) كذا (الحديث مملوء به) بحيث (لا يمكن إنكاره ولا تأويله) لأنه معلوم ضروري بلا اشتباه فيه (وقد احتج عليه بعض الأصحاب بأنه تعالى حي وكل حي يصح اتصافه بالسمع والبصر ومن صح اتصافه بصفة اتصف بها أو بضدها وضد السمع والبصر هو الصمم والعمى وإنهما من صفات النقص فامتنع اتصافه تعالى بهما فوجب) اتصافه (بالسمع ويتوقف) هذا الاحتجاج (على مقدمات) لا صحة لها (الأولى أنه حي بحياة مثل حياتنا) المصححة للاتصاف
____________________
المحدود لا يفيد تخصيص الحد وإلا لم يحتج إلى اشتراط المساواة قلت مراده أن في الحد قيدا يخصصه وهو ضمير كونه الراجع إليه تعالى لكن يرد عليه أن مقصود المبطل أنه لو صح إطلاق المريد عليه تعالى بمجرد ذلك لصح إطلاقه على الجماد لقيام مصحح الاطلاق فيه أيضا فليتأمل (قوله إنه يلزم عرض لا في محل) اعترض عليه في شرح المقاصد بأن صفات الباري تعالى ليست من قبيل الأعراض عندهم والجواب أن هذا القول منهم على تقدير قدم الصفات إذ العرضية تستلزم التجدد المنافي لذلك القدم وإلا فعلى تقدير حدوثها إنكار عرضيتها مما لا يلتفت إليه كما أشار إليه الشارح في أول مباحث الأعراض (قوله وإن نسبة ما لا محل له إلى جميع الذوات سواء) قيل لا نسلم استواء النسبة فإن ذات الله تعالى فاعل للإرادة واختصاص الفاعل بالأثر الغير القائم بغيره أولى من اختصاص غيره به وفيه ما فيه (قوله فلا يكون علة للثبوت) قيل هذا إنما يتم إذا كان المعلول أمرا موجودا في الخارج أما إذا كان وصفا اعتباريا فيجوز أن يكون منشاؤه وصفا اعتباريا أيضا وههنا كذلك لأن كون الإرادة بحيث مختص بتلك الذات لا بغيرها من الذوات اعتباري لا تحقق له في الأعيان (قوله فلا حاجة إلى الاستدلال عليه) فإن قلت لا فرق في ذلك بينهما وبين العالم والقادر والحي والمريد فلم لم يدع الضرورة الدينية في هذه وادعى فيهما قلت ثبوت الشرع تتوقف على هذه الصفات فلا يمكن فيها دعوى الضرورة الدينية بخلاف السمع والبصر كما هو الظاهر (قوله وكذا الحديث مملوء به) أشار الشارح بإقحام لفظ كذا إلى أن ضمير مملوء راجع إلى كل من القرآن
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست