فعل العبد) من أن ترتب فعل على آخر لا يستلزم أن يكون مسببا له لجواز أن يكون الجميع بقدرة الله تعالى ابتداء ويكون الترتب بمجرد إجراء العادة (الثالث) من الفروع (قالوا العلم النظري يتولد من النظر ابتداء ولا يتولد من تذكر النظر) يعني أنه إذا أغفل عن النظر والعلم بالمنظور فيه ثم تذكر النظر فالعلم الحاصل عند التذكر لا يكون متولدا منه بل مقدورا مباشرا بالقدرة وذلك لوجهين أشار إلى أولهما بقوله (لأنه) أي تذكر النظر (ضروري من فعل الله) تعالى وليس مقدورا للبشر (فلو وقعت المعرفة بالله به) أي بالنظر حال كونه (متذكرا لكانت) المعرفة (ضرورية) من فعل الله أيضا (فامتنع التكليف بها) وخرجت عن أن تكون مأمورا بها وهو باطل إجماعا وأشار إلى ثانيهما بقوله (ولأنه) أي تذكر النظر (حينئذ) أي حين كونه مولدا (يولد العلم ولو عارضته الشبهة) أي لو كان التذكر مولدا للعلم لولده وإن عارضته شبهة لأنه قبل معارضتها كهو بعدها (وجواب الأول ما مر) من أنه مبني على أن التكليف لا يكون إلا بما هو مقدور للعبد ومخلوق له وقد بينا بطلانه في مسألة خلق الأعمال (و) جواب (الثاني لا نسلم إمكان عروض الشبهة مع تذكر النظر الصحيح) وكلامنا فيه (ولا يمتنع التوليد عند عدمها كما في ابتداء النظر) أي وإن سلمنا إمكان عروض الشبهة عند تذكر النظر الصحيح فذلك
يمنع توليد التذكر عند عروض الشبهة ولا
يمنع توليده عند عدمها كما في ابتداء النظر فإن عروض الشبهة
يمنع توليده ولا
يمنع ذلك توليده حال عدمها (فإن قيل الشبهة من فعل العبد والتذكر من فعل الله فيلزم) من منع الشبهة توليده (دفع فعل العبد لفعل الله وذلك باطل بخلاف دفع الشبهة توليد ابتداء النظر الذي هو فعل العبد أيضا (قلنا يلزمكم مثله في إمساك الأيدي القوى الشئ) الذي يتحر
____________________
نظيره أن يقال زيد عين عمرو في الماهية أي ماهيتهما متحدة (قوله ثم تذكر النظر) أي بلا قصد التذكر (قوله بل مقدورا مباشرا بالقدرة) أي الحادثة وإلا لم يكن مقدور للعبد كما لو كان متولدا من تذكر النظر فيمتنع التكليف بها لكن يرد عليه أنه يخالف ما ذكره في الفرع الأول وهو أن المتولد من السبب المقدور يمتنع أن يقع مباشرا باتفاق المعتزلة فتأمل (قوله وخرجت عن أن تكون مأمورا بها) فيه دفع بمنع بطلان التالي أعني امتناع التكليف بها بناء على أن التكليف مقيد بعدم المعرفة إذ تكليف العارف تكليف بتحصيل الحاصل وقد أوضحناه في رابع مقاصد النظر فلينظر فيه (قوله وجواب الثاني لا نسلم الخ) أعترض عليه بأن صحة النظر لا يمنع نفس الشبهة المانعة وإنما يمنع صحة الشبهة والجواب أن الكلام في تذكر النظر الصحيح الواقع في القطعيات ولا شك أن الشبهة العارضة