____________________
وصفاته تعالى ليست بحادثة فلا يكون لها فاعل وأنت خبير بأن هذا مشكل جدا فإن مآله إلى تعدد الواجب إذ كل موجد لا يخلو من أن يكون وجوده عن ذاته أو عن غيره فإذا انتفى الثاني تعين الأول فيلزم الوجوب ولهذا قال المحقق التفتازاني في شرح المقاصد استناد الصفات عند من يثبتها أوليس إلا بطريق الايجاب وكذا قولهم علة الاحتياج هو الحدوث دون الإمكان ينبغي أن يخص بغير الصفات نعم يرد على هذا أنه من قبيل التخصيص في القواعد العقلية كما لا يخفى (قوله ودعوى أن إيجاب الصفات كمال الخ) يمكن أن يقال إيجاب الصفات كمال لأجل أن الخلو عنها نقص بخلاف إيجاب غيرها ودعوى أن إفاضة الوجود على الممكنات وجود كمال فلو لم يلزم ذاته تعالى لجاز انفكاك الكمال عنه وهو نقصان في حيز المنع بل كمال السلطنة يقتضي أن يكون الواجب تعالى قبل كل شئ من المباينات وبعده كما لا يخفى على العاقل المنصف على أن نفي الايجاب بالنسبة إلى المصنوعات بناء على لزوم قدم ذات ما ممكنة كما علم ممن قواعد الفلاسفة وقد تقدم حدوث ما سوى الله تعالى وصفاته واجتمع أهل الإسلام على كفر القائلين بتعدد الذوات القديمة فتأمل والله الهادي (قوله في قدرته تعالى) اعلم أن القدرة صفة تؤثر في المقدور ولها به تعلقان تعلق معنوي لا يترتب عليه وجود المقدور بل يمكن القادر من إيجاده وتركه ولا شك أن هذا التعلق عام لكل ممكن لازم للقدرة قديم بقدمها ونسبته إلى الضدين على السواء وتعلق آخر يترتب عليه ذلك وهذا التعلق حادث كما صرح به الشارح في مباحث القدرة وكلام المقاصد يشعر بجواز قدمه على معنى أن القدرة تعلقت في الأزل بوجود المقدور فيما لا يزال وكلام المصنف والشارح أيضا فيما سيأتي يشعر به فإن قلت القول بقدم التعلق التأثيري يفضي إلى القول بتوقف صدور خصوصيات الحوادث على شروط أو استعدادات تحصل في المواد وإلا لم يتخلف عن ذلك التعلق فلا يلائم أصول المتكلمين قلت إنما لا يلائمها إذا لم يكف في وقوع المقدور تعلق القدرة في وقت معين فيما لا يزال وحصول ذلك الوقت والله أعلم (قوله إلا أن الحكماء ذهبوا) قد سبق منا أن الأستاذ المحقق قال هذا المنقول عنهم كلام لا تحقق له لأن الواقع بالإرادة والاختيار ما يصح وجوده وعدمه بالنظر إلى ذات الفاعل فعلى ما ذكروه من لزوم مشية الفعل واستحالة عدمها أوليس هناك حقيقة الإرادة والاختيار بل مجرد اللفظ وأيضا