شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٩٨
القائلين بالمعاد الجسماني فقط ثم شرع في بيان مذهب القائلين بالمعاد الروحاني فقط بقوله (المقصد الثالث) في حكاية مذهب الحكماء المنكرين لحشر الأجساد في أمر المعاد) الروحاني الذي هو عندهم عبارة عن مفارقة النفس عن بدنها واتصالها بالعالم العقلي الذي هو عالم المجردات وسعادتها وشقاوتها هناك بفضائلها النفسانية ورذائلها (قالوا النفس الناطقة لا تقبل الفناء) أي العدم بعد وجودها وذلك (لأنها بسيطة) لما مر في مباحث النفس (وهي موجودة بالفعل فلو قبلت الفناء لكان للبسيط) الذي هو النفس حال كونها موجودة (فعل) بالنسبة إلى وجودها (وقوة) أي قابلة بالنسبة إلى فنائها وفسادها (وأنه محال لأن حصول أمرين متنافيين لا يكون إلا في محلين متغايرين وهو ينافي البساطة) وتلخيصه إن الموجود بالفعل لا يكون هو بعينه متصفا بقابلية فنائه وفساده لأن القابل يجب بقاؤه مع حصول المقبول ولا بقاء لذلك الموجود مع الفناء والفساد فبين وجود شئ بالفعل وقابلية فنائه منافاة فلا يجتمعان في بسيط فلو اجتمعا في النفس الناطقة لكانت مركبة من جزئين يكون أحدهما قابلا لفسادها بمنزلة المادة في الأجسام فإن قيل هي قبل حدوثها معدومة بالفعل وقابلة للوجود ولا يمكن اجتماعهما بمثل ما ذكرتموه ولم يلزم من ذلك تركبها قلنا لأن المصنف بقابلية وجودها هو المادة البدنية الحاصلة عند حدوثها فلا حاجة إلى إثبات مادة لجوهر النفس بخلاف ما نحن فيه وإذا لم تقبل
____________________
الجسم الأول ويورد فيه الروح وهو قول كثير من المسلمين وأكثر النصارى إلى ههنا كلامه فتأمل (قوله لأن القائل يجب بقاؤه مع حصول المقبول) ليكون متصفا به يرد عليه إنا لا نسلم الوجوب فإنه أوليس معنى قبول الشئ للفناء والفساد إن ذلك الشئ يبقى متحققا ويحل فيه الفناء والفساد على قياس قبول الجسم للأعراض الحالة فيه بل معناه ذلك الشئ ينعدم في الخارج بطريان الفساد والفناء نعم يجوز الاجتماع في الذهن بمعنى أنه يجوز أن يحصل الشئ في الذهن ويتصور العدم الخارجي قائما به لكن لا يلزم منه اجتماعا المتنافيين (قوله بخلاف ما نحن فيه) تحقيق الفرق على ما حرر بعض الأذكياء إن كون الشئ محلا لاستعداد وجود ما هو مباين القوام أو لاستعداد عدمه غير معقول بل الشئ إنما يكون محلا لاستعداد وجود ما هو متعلق القوام به أي مستعد الوجود له ومحلا لاستعداد فنائه أي مستعدا لعدمه عنه فالنفس الناطقة وإن كانت مجردة في ذاتها لكنها متعلقة بالبدن تعلق التدبير والتصرف لاستحصال كمالاتها بواسطته فيكون البدن محلا لاستعداد تعلقها به وتصرفها فيه ولما توقف تعلقها به على وجودها في نفسها كان هذا الاستعداد منسوبا أولا وبالذات إلى تعلقها وثانيا وبالعرض إلى وجودها في نفسها فهذا الاستعداد كاف لفيضان الوجود عليها متعلقة به ولا حاجة في ذلك إلى استعداد منسوب أولا وبالذات إلى وجودها في نفسها ليمتنع قيامه بالبدن لأنها من حيث وجودها في نفسها مباينة له والشئ لا يكون مستعد لما هو مباين له وكما جاز أن يكون البدن محلا لاستعداد تعلقها به كذلك يجوز أن يكون محلا
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344