اسرش إلى أنها كلها حوادث لا محدث لها والنظام إلى أن المتولدات برمتها من فعل الله تعالى لا من فعل العبد الفاعل للسبب وذهب
ضرار بن عمرو وحفص الفرد إلى أن ما كان منها في محل قدرة الفاعل فهو من فعله وما كان في محل مباين لمحلها فما وقع منه على وفق اختياره فهو أيضا من فعله كالقطع والذبح وما لا يقع على وفقه فليس من فعله كالآلام في المضروب والاندفاع والثقيل المدفوع وحركة الجسم المفروض من القسم الأخير فالإلزام بها لا يقوم بها حجة عليهما (
والمعتزلة) القائلون بإسناد المتولدات إلى العباد (ادعوا الضرورة تارة كأبي الحسين وأتباعه (وجنحوا إلى الاستدلال أخرى) كالجمهور منهم (أما الضرورة فقالوا من رام دفع حجر في جهة اندفع إليها بحسب قصده وإرادته) فيكون اندفاعه صادرا عن الدافع وفعلا له (وليس) هذا (الاندفاع) فعلا له (مباشرا بالاتفاق) منا ومنكم (فهو بواسطة ما باشره من الدفع) ومتولد منه وكذا الكلام في حصول العلم النظري من النظر وحصول أمثاله من أسبابها واعلم أن الآمدي جعل اندفاع الحجر على حسب قصده وإرادته وجها أول من وجوه استدلالاتهم وليس في كلامهم ما يدل على أن أبا الحسين ادعى الضرورة ههنا (ويؤيده اختلاف الأفعال) التي سميت متولدة (باختلاف القدر) الثابتة للعباد (فالأيد) القوى (يقوى على حمل ما لا يقوى على حمله الضعيف ولو كان) الفعل المتولد (واقعا بقدرة الله لجاز تحرك الجبل باعتماد الضعيف النحيف وعدم تحرك الخردلة باعتماد الأيد القوي) بأن يخلق الله الحركة في الجبل دون الخردلة (وأنه مكايرة) صرفة فاتضح أن المتولدات مستندة إلى
____________________
(قوله وإن كان معدوما حال وجود المتولد) فلم يشترطوا بقاء الفاعل عند وجود الفعل بل اكتفوا في تحقق تمام العلة بوجود الفاعل في الجملة مقدما أو مقارنا فمعنى كون المتولد فعلا للمعدوم مقدورا له تأثيره باختياره في السبب الموجب له فلا يرد أن المتولد لو كان مقدورا للعبد لما وجد بعد فنائه (قوله حوادث لا محدث لها) أورد عليه أنه يستلزم استغناء العالم عن الصانع وأجيب بأنهم إنما جوزوا ذلك في المتولدات لثبوت ما يفضي إلى حدوثها ولا يجوزونه في غيرها فلا يلزم ذلك (قوله كالقطع والذبح) أراد بهما المقطوعية والمذبوحية لا القاطعية والذابحية فإنهما قائمان بمحل القدرة ثم الفرق بينهما وبين الألم في المضروب والاندفاع في الثقيل حيث حكم بأن الأولين واقعان على وفق الاختيار دون الآخرين ما سيجئ من أن الآخرين قد يقعان بعد عجز فاعل السبب وموته فلا يكونان حينئذ على حسب القصد والداعية بخلاف الأولين فإن قلت قد يقع الأولان أيضا بعد ذلك كما إذا رمى بسكين فاتفق بعد موت الرامي أن أصاب المذبح أو عضوا فحصل الذبح أو القطع قلت هذا أوليس بذبح وقطع في العرف ولو سلم فالمعدود مما وقع على وفق الاختيار أوليس القطع والذبح في مثل هذه الصورة ولا مطلقهما (قوله لا يقوم حجة عليهما) وكذا لا يقوم حجة على ثمامة والنظام إذ أوليس المتولدات عندهما من فعل على ما في الأبكار حتى يلزم