بالدعوة إلى الإيمان والطاعة) وإيضاح سبل المراشد وتيسير مقاصدها والزجر عن طريق الغواية كما في قوله تعالى وأما ثمود فهديناهم إذ لا شبهة في امتناع حمله على خلق الهدى فيهم (والذي يبطله) أي هذا التأويل (أمور * الأول إجماع الأمة على اختلاف الناس فيهما) أي في التوفيق والهداية فبعضهم موفق مهدي وبعضهم أوليس كذلك (والدعوة عامة) لجميع الأمة (لا اختلاف فيها) فلا يصح تأويلهما بها * (الثاني الدعاء بهما نحو اللهم اهدنا الصراط المستقيم) اللهم وفقنا لما تحب وترضى والطلب إنما يكون لما أوليس بحاصل (والدعوة) المذكورة (حاصلة) فلا يتصور طلبها (واختلاف الناس) أوليس في الدعوة نفسها بل (في) وجود (الانتفاع بها وعدمه * (الثالث كونه مهديا وموفقا من صفات المدح) يمدح بهما في المتعارف (دون كونه مدعوا) إذ لا يمدح به أصلا فلا يصح حملهما على الدعوة * (الثالث) من تلك الأمور (الأجل وهو) في الحيوان (الزمان الذي علم الله أنه
يموت فيه فالمقتول عند أهل الحق ميت بأجله) الذي قدره الله له وعلم أنه
يموت فيه (وموته بفعله تعالى) ولا يتصور تغير هذه المقدر بتقديم ولا تأخير قال تعالى ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (
والمعتزلة قالوا بل تولد
موته من فعل
القاتل) فهو من أفعاله لا من فعل الله تعالى (و) قالوا (إنه لو لم
يقتل لعاش إلى أمد هو أجله) الذي قدره الله تعالى له فالقاتل عندهم غير بالتقديم الأجل الذي قدره الله تعالى له (وادعوا فيه) أي في تولده من فعل
القاتل وبقائه لولا
القتل (الضرورة) كما ادعوها في
____________________
في الآية الكريمة أعني وأما ثمود فهديناهم وهذا الجواب وإن كان لا يخلو عن تكلف إلا أن ارتكابه لتوجيه الكلام أوليس أول قارورة كسرت في الإسلام (قوله فلا يتصور طلبها) فإن قلت أمثال ما ذكر إنما هو لطلب التثبيت والدوام قلت لا معنى لطلب التثبيت على الدعوة وهو ظاهر (قوله ولا يستقدمون) معطوف على مجموع الشرط والجزاء لا على الجزاء وحده إذ لا يتصور استقدام شئ عند مجيئه فلا وجه لتقييد نفيه بالشرط هذا هو المشهور وقد ذكرنا في حواشي المطول أنه يجوز عطفه على الجزاء أيضا بناء على أن يكون معنى قوله تعالى لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون لا يستطيعون تغييره على نمط قوله تعالى ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ومن هذا الباب قولهم كلمته فما رد على سوداء ولا بيضاء وقد يجاب عن الاستدلال بالآيتين لجواز أن يراد بالأجل فيهما الأجل الثابت فلا يعارض قسمة الأجل إلى الثابت والمعلق وأنت خبير بأنه تخصيص بلا دليل وضرورة فلا يسمع فإن قلت قوله تعالى ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده يدل على تعدد الأجل لأن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت الثانية غير الأولى قلت ممنوع لقوله تعالى وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وقوله تعالى وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ومثله أكثر من أن يحصى ولو سلم فلعل المراد بهما أجل الدنيا وأجل الآخرة