ما اختاره ابن سينا كما مر (ولا تتصور) الحياة بشئ من هذه المعاني (في حقه تعالى فقالوا إنما هي كونه يصح أن يعلم ويقدر وهو مذهب الحكماء وأبي الحسين البصري من
المعتزلة وقال الجمهور) من أصحابنا ومن
المعتزلة (أنها صفة توجب صحة العلم) والقدرة (إذ لولا اختصاصه بصفة توجب صحة العلم) الكامل والقدرة الشاملة (لكان) اختصاصه بصحة العلم) والقدرة المذكورين (ترجيحا بلا مرجح وأجابوا عنه بأنه منقوض باختصاصه بتلك الصفة) الموجبة للصحة (فإنه لو كان بصفة أخرى لزم التسلسل) في الصفات الوجودية هذا خلف (فلا بد من الانتهاء إلي ما يكون) اختصاصه به (بصفة أخرى) فيكون ترجيحا بلا مرجح ولما كان استدلالهم هذا مبنيا على تماثل الذاوات أشار إلى بطلانه بقوله (والحق أن ذاته تعالى مخالفة بالحقيقة لسائر الذوات فقد يقتضى) هو لذاته (الاختصاص بآخر) فلا يلزم ترجيح من غير مرجح (و) من المعلوم أن (أوليس جعل ذلك) الأمر الذي يقتضيه ذاته لذاته (علة صحة العلم أولى من جعلها) أي جعل ذلك الأمر أنثه نظر إلى قوله (نفس صحة العلم فمن أراد إثبات زيادة) على نفس الصحة (فعليه بالدليل) (المقصد الخامس) في أنه تعالى مريد وفيه بحثان * الأول في إثبات الإرادة ولا بد ههنا من تصويرها أولا ثم تقريرها وتحقيقها بالبرهان ثانيا (فقال الحكماء إرادته) تعالى هي (نفس علمه بوجه النظام الأكمل ويسمونه عناية) قال ابن سينا العناية هي إحاطة علم الأول تعالى بالكل وبما يجب أن يكون عليه الكل حتى يكون على أحسن النظام فعلم الأول بكيفية الصواب في ترتيب وجود الكل منبع لفضيان الخير في الكل من غير انبعاث قصد وطلب من الأول الحق (وقال أبو الحسين)
وجماعة من رؤساء
المعتزلة كالنظام والجاحظ والعلاف وأبي
____________________
الخلاف أو على تحقيق الحق كما أشرنا إليه هناك (قوله ومن المعتزلة إنها صفة) القائلون به قدماء المعتزلة المثبتون للأحوال لا متأخر وهم النافون لها القائلون بأن صفاته تعالى عين ذاته وتعليلهم صحة العالمية والقادرية بها لا ينافي نفس العالمية والقادرية بالألوهية كما سبق (قوله فعليه بالدليل) أي فليتمسك بالدليل أو فالدليل واجب عليه على أن الباء زائدة وعليه خبر مقدم على المبتدأ إفادة للحصر (قوله في أنه تعالى مريد) قالوا الفرق بين الإرادة والاختيار أن الاختيار هو الإرادة مع ملاحظة ما للطرف الآخر فكأن المختار ينظر إلى الطرفين ويميل إلى أحدهما والمريد ينظر إلى الطرف الذي يريده (قوله هي إحاطة علم الأول) أي علمه المحيط على نمط قولهم العلم حصول الصورة مريدا به الصورة الحاصلة (قوله من غير انبعاث قصد وطلب) فالأوامر والنواهي الدالة على