العوض هذا والمذكور في كلام الآمدي هو أن المانعين من
جواز التفضل جوزوا الآلام لمجرد التعويض كالجبائي وأبي الهذيل وقدماء
المعتزلة والمجوزين له لم يجوزوا الآلام إلا بشرط التعويض واعتبار الغير بتلك الآلام وكونها إلطافا في زجر غاو عن غوايته وذهب عباد الضميري إلى
جواز الآلام لمحض الاعتبار من غير تعويض وذهب أبو هاشم إلى أن الآلام لا تحسن لمجرد التعويض مع القدرة على التفضل بمثل العوض إلا إذا علم الله أنه لا ينفعه إلا بجهة التعويض فعليك بالتأمل في مطابقته لما في الكتاب * (السامع البهائم هل تعوض بما يلحقها من الآلام والمشاق مدة حياتها وتمتار بها عن أمثالها التي لا تقاسى مثلها أو لا تعوض وإن عوضت فهل ذلك) التعويض في الدنيا أو في الآخرة وإذا كان في الآخرة فهل هو (في الجنة) أو في غيرها (وإن كان في الجنة فهل يخلق فيها عقل تعقل به أنه جزاء) وأنه دائم غير منقطع هذه اختلافاتهم (على أن منهم من أنكر لحوق الألم البهائم والصبيان مكابرة وهربا من إلزام دخولها الجنة وخلق العقل فيها (المقصد السابع) تكليف ما لا يطاق جائز عندنا لما قدمنا آنفا) في المقصد السادس (من أنه لا يجب عليه شئ ولا يقبح منه شئ إذ يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه ومنعه
المعتزلة لقبحه عقلا) كما في الشاهد (فإن من كلف الأعمى نقط المصاحف والزمن المشي إلى أقاصي البلاد وعبده الطيران إلى السماء عد سفيها وقبح ذلك في بداية العقول وكان كأمر الجماد) الذي لا شك في كونه سفها (واعلم أن ما لا يطاق على مراتب أدناها أن يمتنع الفعل لعلم الله بعدم وقوعه (أو) تعلق (إرادته أو إخباره) بعدمه (فإن مثله لا تتعلق به القدرة الحادثة لأن القدرة) الحادثة (مع الفعل) لا قبله (ولا نتعلق بالضدين) بل لكل واحد منهما قدرة على
____________________
بالعوض (قوله وذهب عباد الضيمرى) في أكثر النسخ تقديم الياء المثناة من تحت على الميم وصحح بعضهم عكسه على أن الضميرى منسوب إلى ضمير تصغير ضمر وهو قرية من قرى الشام كذا في المغرب (قوله فعليك بالتأمل في مطابقته لما في الكتاب) يعني أنه غير مطابق له لأن الظاهر من كلام الآمدي اتفاق لمانعين على جواز الايلام بمجرد التعويض واتفاق المجوزين على عدم جوازه إلا بشرط التعويض واعتبار الغير بذلك الايلام والمفهوم من نقل المصنف هو الاختلاف في كل من الفريقين اللهم إلا أن يحمل المانعون والمجوزون في كلام الآمدي على جمهورهم ولا يخفى أنه خلاف الظاهر (قوله ولا يقبح منه شئ) ومن هذا تكليف تحصيل الحاصل (قوله لا معقب لحكمه) أي لا راد له وحقيقته الذي يعقب الشئ بالإبطال (قوله لأن القدرة الحادثة مع الفعل الخ) أعترض