شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٢٢
معيشته بل لا بد له من أن يكون معه آخرون من بني نوعه حتى يخبز هذا لذلك ويطحن ذاك لهذا ويزرع لهما ثالث وهكذا فإذا اجتمعوا على هذا الوجه صار أمرهم مكفيا ولذلك قيل الإنسان مدني بالطبع فإن التمدن هو هذا الاجتماع ولا بد لهم في التعاون من معاملة ومعاوضة يجريان بينهم ولا بد فيهما من قانون عدل يحافظ عليه دفعا للظلم وإليه أشار بقوله (ولولا شريعة ينقاد لها الخاص والعام لا شر أبت كل نفس) أي مدت عنقها (إلى ما يريده غيره وطمح) أي ارتفع (عين كل إلى ما عند الآخر فحصل) بينهم (التنازع وأدى) ذلك التنازع (إلى التواثب والتشاجر) أي الاختلاف (والتقاتل والتناحر وشمل) الناس (الهرج) أي القتل (والمرج) أي الاختلاط (واختل أمور المعاش والمعاد فوجب في الطبيعة) وجود الموصوف بتلك الخواص) لما علم من شمول العناية فيما أعطى كل حيوان من الآلات) اللائقة به (وهدى) أي كل واحد منه (إلى ما فيه بقاؤه وبه قوامه نوع الإنسان) فإن العناية به في الاعطاء والهداية أكثر (وهو أشرف الأنواع) الحيوانية (سخر له ما عداه من تلك الأنواع (وهذا) أي وجود من اجتمعت فيه الخواص المذكورة (من أعظم مصالحه) لما ظهر فيه من جلب المنافع الجليلة والدفع للمضار الشديدة (أفترى الطبيعة تهمل ذلك كلا) والحاصل إن وجود النبي سبب للنظام في المعاش والمعاد فيجب ذلك في العناية الإلهية المقتضية لأبلغ وجوه الانتظام في مخلوقاته فهذه طريقة أثبات النبوة على مذهب الحكماء (المقصد الثاني) في حقيقته المعجزة وهي) بحسب الاصطلاح (عندنا) عبارة عن (ما قصد به إظهار
____________________
(قوله أفترى الطبيعة) الطبيعة عندهم وجود النظام الكامل صرح به في شرح المقاصد والظاهر إن إسناد عدم الاهمال إلى الطبيعة مجاز عقلي على نحو ما صام نهاري وإن أريد بالطبيعة سببها أعني العناية فتأمل (قوله في حقيقة المعجزة) لا خفاء إن حقيقة الاعجاز إثبات العجز استعير لإظهاره ثم أسند مجازا إلى ما هو سبب العجز وجعل اسما له فالتاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية كما في الحقيقة وقيل للمبالغة كما في العلامة وذكر إمام الحرمين إن ههنا تجوز آخر بناء على الأصح من رأي الأشعري وهو أن العجز ضد القدرة وإنما يتعلق بالموجود حتى إن عجز الزمن عن القعود لا عن القيام ووجه التجوز على هذا إن المراد بالعجز عدم القدرة إذا لو حمل العجز على المعارضة على المعنى الوجودي لوجدت المعارضة الاضطرارية وقد سبق تحقيق هذا في مباحث القدرة فليتذكر (قوله عبارة عما قصد به الخ) اعترض على هذا التعريف بأنه صادق على الذي يظهر في يد الساحر المدعي للنبوة وأجيب بأن المراد القصد من عند الله سبحانه وتعالى والأظهر في الجواب أن يقال المتبادر من التعريف قصد
(٢٢٢)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344