شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٥٤
عند فعله ويمتنع عند عدمه فإن المأمور على كلا التقديرين غير متمكن من الفعل) والترك وأيضا لا فرق بين أن يعذب الله العبد على ما أوجده فيه وبين أن يعذبه على فعل يجب حصوله عندما وجده فيه لأنه لا فرق في العقول بين فاعل القبيح والظلم وبين فاعل ما يوجب القبيح والظلم فمن اعترف بوجوب حصول الفعل عند حصوله الإرادة الجازمة انسد عليه باب القول بالاعتزال فظهر أن أبا الحسين أنكر الاعتزال في هذه المسألة وأن تلك المبالغة منه تمويه وتلبيس انتهى كلامه (وأما غيره) أي غير أبي الحسين (فيستدل عليه) أي على أن العبد موجد لأفعاله (بوجوه كثيرة مرجعها إلى أمر واحد وهو أنه لولا استقلال العبد بالفعل) على سبيل الاختيار (لبطل التكليف) بالأوامر والنواهي لأن العبد إذا لم يكن موجدا لفعله مستقلا في إيجاده لم يصح عقلا أن يقال له افعل كذا ولا تفعل كذا (و) بطل (التأديب) الذي ورد به الشرع إذ لا معنى لتأديب من لا يستقتل بإيجاد فعله (وارتفع المدح والذم) إذ أوليس الفعل مستند إليه مطلقا حتى يمدح به أو يذم (و) ارتفع (الثواب والعقاب) الوارد بهما الوعد والوعيد (ولم يبق للبعثة فائدة) لأن العباد ليسوا موجودين لأفعالهم فمن أين لهم استحقاق الثواب والعقاب عليها بل هي مخلوقة لله تعالى فيجوز حينئذ أن يعكس فيعاقب الأنبياء وأتباعهم ويثبت الفراعنة وأشياعهم فلا يتصور منفعة للبعثة أصلا (والجواب) منع الملازمات المذكورة وهو (المدح والذم باعتبار المحلية لا باعتبار الفاعلية) حتى يشترط فيهما الاستقلال بالفعل وذلك (كما يمدح الشئ ويذم بحسنه وقبحه وسلامته) من الآفة (وعاهته) فإن ذلك باعتبار أنه محل لها لا مؤثر فيها (وأما الثواب والعقاب) المترتبان على الأفعال الاختيارية (فكسائر العاديات) المترتبة على أسبابها بطريق العادة من غير لزوم
____________________
فعله وتركه وفي ذكر إمام الحرمين بحث يظهر مما مر في أول المقصد فليتأمل (قوله فمرحبا بالوفاق) أي في نفي الاستقلال ولا مرحبا بإسناد الايجاد إلى غير الله تعالى (قوله عند حصول الإرادة الجازمة) أي مع اعترافه بأنها من غيره وكذا الداعي الذي يتوقف عليه الفعل كما هو المذهب عندهم فإن الداعي عبارة عن العلم بالمصلحة ولا قائل بأن العلم مخلوق للعبد (قوله فكسائر العاديات) قيل هذا يؤدي إلى القول بوجوب ثواب المطيع وعقاب العاصي كما ذهبت إليه المعتزلة لإيجاب العادة وذلك لأن قسمة العادة إلى الموجب وغيره لم تعهد عن أحد ولا جهة له أيضا والجواب أما أولا فجواز إرادة التنظير من قوله فكسائر العاديات أي جميعها والتنظير في مجرد عدم اللزوم العقلي واتجاه السؤال لا أنهما من قبيل العاديات وأما ثانيا فهو أن مراد المعتزلة من الوجوب عليه تعالى لزوم القبح العقلي في نفس تركهما وهو الذي نحن نمنعه وأما وجوب ثواب المطيع بمقتضى الوعد فلا ننكره كيف وقد قال عز من قائل ما يبدل القول لدي فإن قلت دوام الترتب أو أكثريته شرط في العاديات كما مر فكيف يكون عقاب العاصي
(١٥٤)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344