(المقصد الثالث) تسميته تعالى بالأسماء توفيقية أي
يتوقف إطلاقها على الإذن فيه) وليس الكلام في أسمائه الأعلام الموضوعة في اللغات إنما النزاع في الأسماء المأخوذة من الصفات والأفعال فذهبت
المعتزلة والكرامية إلى أنه إذا دل العقل على اتصافه تعالى بصفة وجودية أو سلبية جاز أن يطلق عليه اسم يدل على اتصافه بها سواء ورد بذلك الاطلاق إذن شرعي أو لم يرد وكذا الحال في الأفعال وقال القاضي أبو بكر من أصحابنا كل لفظ دل على معنى ثابت لله تعالى جاز إطلاقه عليه بلا توقيف إذا لم يكن إطلاقه موهما لما لا يليق بكبريائه فمن ثمة لم يجز أن يطلق عليه لفظ العارف لأن المعرفة قد يراد بها علم يسبقه غفلة ولا لفظ الفقيه لأن الفقه فهم غرض المتكلم من كلامه وذلك مشعر بسابقة
الجهل ولا لفظ العاقل لأن العقل علم مانع عن الإقدام على ما لا ينبغي مأخوذ من العقال وإنما يتصور هذا المعنى فيمن يدعوه الداعي إلى ما لا ينبغي ولا لفظ الفطن لأن الفطانة سرعة إدراك ما يراد تعريضه على السامع فتكون مسبوقة بالجهل ولا لفظ
الطبيب لأن
الطب يراد به علم مأخوذ من التجارب إلى غير ذلك من الأسماء التي فيها نوع إيهام بما لا يصح في حقه تعالى وقد يقال لا بد مع نفي ذلك الايهام من الإشعار بالتعظيم حتى يصح الاطلاق بلا توقيف وذهب الشيخ ومتابعوه إلى أنه لا بد من التوقيف وهو المختار (وذلك للاحتياط احترازا عما يوهم باطلا لعظم الخطر في ذلك) فلا
يجوز الاكتفاء في عدم إبهام
الباطل بمبلغ إدراكنا بل لا بد من الاستناد إلى إذن الشرع (والذي ورد به التوقيف في المشهور تسعة وتسعون اسما
____________________
(قوله أي يتوقف إطلاقها على الإذن فيه) فإن قلت من الأوصاف ما يمتنع إطلاقه عليه تعالى مع ورود الشرع بها كالماكر والمستهزئ ونظائرهما قلت أجاب في شرح المقاصد بأنه لا يكفي في الإذن مجرد وقوعها في الكتاب والسنة بحسب اقتضاء المقام وسياق الكلام بل يجب أن لا يخلو عن نوع تعظيم ورعاية أدب (قوله وقال القاضي أبو بكر الخ) حجته قياس لوازم الأسماء على مرادفاتها واعترض عليه إمام الحرمين بأن القياس إنما يعتبر في العمليات دون الأسماء والصفات وأجيب بأن التسمية عمل اللسان (قوله ولا لفظ الطبيب) أعترض عليه بأنه قد ورد في حديث المصابيح أنه عليه السلام قال لمن قال إني طبيب أنت رفيق والله الطبيب وقد عرفت مما نقلناه عن شرح المقاصد جوابه (قوله وذهب الشيخ ومتابعوه الخ) ههنا فائدة ينبغي أن ينبه عليها وهو أن بعض الفضلاء صرح بأن لفظ واجب الوجود لم يرد في الكتاب والسنة فمن اشترط التوقيف في أسماء الله تعالى ينبغي أن لا يجوز إطلاقه عليه تعالى مع أن هذا الاطلاق شايع اللهم إلا أن يقال هذا في التحقيق صفة جرت على غير