في وصف الجنة أيضا (عرضها السماوات والأرض ولا يتصور ذلك إلا بعد فناء السماوات والأرض لامتناع تداخل الأجسام * الجواب المراد إنها) أي عرضها (كعرض السماوات والأرض لامتناع أن يكون عرضها عرضهما بعينه لا حال البقاء ولا بعد الفناء) إذ يمتنع قيام عرض واحد شخصي بمحلين موجودين معا أو أحدهما موجود والآخر معدوم (وللتصريح في آية أخرى بأن عرضها كعرض السماوات والأرض فيحمل هذا على تلك كما يقال أبو يوسف أبو حنيفة) أي مثله (المقصد الخامس) في فروع
للمعتزلة على أصلهم في حكم العقل) بحسن الأفعال وقبحها (والإيجاب على الله والنظر ههنا في الثواب والعقاب) لا في أمور أخر أوجبوها عليه (أما الثواب فأوجبه
معتزلة البصرة لأن التكاليف الشاقة ليست إلا لنفعنا وهو بالثواب عليها بيانه أنها) أي تلك التكاليف (إما لا لغرض وهو عبث قبيح) فيستحيل صدوره عنه تعالى (وإما لغرض عائد إلى الله تعالى وهو منزه) عن ذلك لتعاليه عن الانتفاع والتضرر (أو إلى العبد أما في الدنيا وإنه) أي الإتيان بها (مشقة بلا حظ) دنيوي فإن العبادة عناء وتعب وقطع للنفس عن شهواتها (وأما في الآخرة وذلك إما تعذيبه) عليها (وهو قبيح) جدا (أو نفعه وهو المطلوب الجواب
منع وجوب الغرض وقد مر مرارا) كثيرة (وأما العقاب ففيه بحثان * الأول أوجب جميع
المعتزلة والخوارج عقاب صاحب الكبيرة) إذا
مات بلا توبة ولم يجوزوا أن يعفو الله عنه (لوجهين * الأول إنه) تعالى (أوعد بالعقاب) على الكبائر (وأخبر به) أي
____________________
(قوله لامتناع تداخل الأجسام) ولأنا لسنا الآن في الجنة بالاتفاق فلو كان السماء والأرض عرض الجنة الآن لكنا فيه الآن (قوله الجواب منع وجوب الغرض) ولو سلم فالغرض التفضل بالنفع فأين الوجوب (قوله لأنا نقول استحالته ممنوعة) فإن قلت الكذب نقص يستحيل عليه تعالى إجماعا ولا شك أن جواز المحال محال قلت الظاهر إن هذا الكلام بالنسبة إلى المعتزلة وهم لا يقولون إلا بالكلام اللفظي وقد سبق إن النقص في الكلام اللفظي من قبيل القبح العقلي الذي نحن لا نقول به نعم ثبت بخبر النبي عليه السلام انتفاء الكذب في كلامه مطلقا وأما إنه أمر محال في نفسه بناء على أنه نقص فممنوع بقي ههنا بحث وهو أن مراد المعتزلة بكون الشئ واجبا عليه تعالى إن الحالة اللائقة والحكمة المناسبة لمثل ذلك الحكيم أن يأتي به لا أنه ممتنع عقلا بحيث لا يكون مقدورا له وإلا يكون الباري تعالى موجبا بالنسبة إليه وهم مع إيجابهم عليه تعالى ما أوجبوه قائلون بكون الله تعالى مختارا بلا خلاف منهم فعلى هذا اندفاع أصل استدلالهم بما ذكروه في حيز الجواب محل كلام فليتأمل