على حسب القصد والداعية فهو غير متصور في المتولدات إذ المتولد عندهم قد يقع بعد عجز فاعل
السبب وبعد
موته بدهر طويل فكيف يكون على حسب قصده وداعيته وإن سلم كونها على حسبهما لم يلزم منه أن يكون من أفعاله لأن المباشر إنما كان فعلا له لا لمجرد ذلك بل ومع استقلال قدرته بالإيجاد بلا احتياج إلى سبب والمتولد محتاج إلى
السبب قطعا وأجاب عما جعله وجها ثانيا بما سبق في خلق الأعمال وهو أن الاختلاف أي التفاوت إنما هو في كثرة المقدورات لكثرة القدر وليس في ذلك ما يدل على وقوع الفعل بالقدرة وأجاب عن الوجوه الثلاثة المذكورة في الكتاب بكفاية إجراء العادة ولك أن تقول جاز أن يكون وجود الاندفاع على حسب القصد والإرادة بطريق الخلق على سبيل العادة وكذا الحال في تفاوت الحمل بحسب اختلاف القدر فلا يصح دعوى الضرورة وتأييدها (ولما أبطلنا أصل التوليد
بطل ما هو متفرع عليه) فلا حاجة إلى ذكر فروعه والجواب عنها (لكنا نذكرها تنبيها على ما وقع في آرائهم من الاضطراب) والتنافي (الفرع الأول) من تلك الفروع (إن المتولد من
السبب المقدور بالقدرة الحادثة يمتنع) باتفاق
المعتزلة (أن يقع مباشرا بالقدرة الحادثة من غير توسط
السبب وإلا لجاز اجتماع مباشر ومتولد في محل واحد) وذلك لأن وجوده فيه لوجود سببه ممكن بلا ريبة والمفروض أنه يمكن وقوعه فيه مباشرا فقد جاز وجودهما فيه مع اتحاد القدرة المؤثرة فيهما (وهما مثلان واجتماع المثلين محال مع أنه يفضي إلى
جواز حمل لذرة للجبل العظيم بأن يحصل فيه) أي في الجبل من قدرة الذرة (أعدادا من الحمل موازية لأعداد أجزائه فيرتفع) الجبل (بها) أي بتلك الأعداد من لحمل (وذلك محال ضرورة والجواب أنه) أي القول بامتناع اجتماعهما (يناقض أصلكم في
جواز اجتماع المثلين) في محل
____________________
لا على الاحراق (قوله إذا المتولد عندهم قد يقع بعد عجز فاعل السبب الخ) قيل عليه وقوع المتولد بعد عجز فاعل السبب وبعد موته لا ينافي كونه على حسب قصده وداعيته إنما ينافيه لو كان وقوعه من الفاعل ابتداء وأما لو كان وقوعه منه باعتبار إيجاد السبب فلا نسلم المنافاة غايته وقوع الفعل زمان عجز الفاعل أو زمان عدمه وذلك إنما يمتنع في الفعل المقدور ابتداء (قوله والمتولد محتاج إلى السبب قطعا) إن أريد احتياجه إلى سبب غير فاعل المباشر وما يصدر عنه فهو ممنوع عندهم وإن أريد احتياجه إلى سبب صادر عن الفاعل فلا ينافي كونه فعلا له فإن أفعال الباري تعالى صادرة عنه تعالى بمرجح يكون منه مع أنها أفعاله تعالى اتفاقا (قوله واجتماع المثلين محال) إذا كان مبنى الدليل هذه الاستحالة لم يكن له اختصاص بالقدرة الحادثة كما يتبادر من سياق كلامه بل يجري في أفعال الله تعالى على القول بالتوليد فيها (قوله وذلك محال ضرورة) وجوابه منع استحالته نعم هو خلاف ما جرى عليه